للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فدل على أن استحباب مالك للرداء في مساجد الجماعة قصد به استحباب الصلاة في الثوبين، لا أن يلبس أحسن ثيابه للصلاة» (١).

وقد مر معنا في مرسل محمد بن يحيى بن حبان كيف جعل الثوبين على قسمين: ثوبين للجمعة خاصة، وثوبين للمهنة، كما أن الزينة لو كانت من أجل الصلاة لم يفرق مالك بين الصلاة في مساجد الجماعات، وبين الصلاة جماعة في مكان اجتمعوا فيه، أو في السفر أو في داره؛ لأنه في الجميع يناجي ربه، فلما فرق مالك بين هذه الصلوات كان الحكم عنده متعلقًا في مكان الصلاة، وخروجه للناس، لا في الصلاة نفسها؛ وكأن مالكًا أراد للمصلي أن يخرج إلى الناس في هيئة من الوقار، وهذا يتحقق إذا لبس الثياب على الهيئة التي يلبسها الناس، ولو لم تكن من ثياب الزينة.

ولذلك علل خليل استحباب لبس الرداء مع الإزار إذا صلى في مساجد الجماعات، قال: «لأنه إذا كان بغير رداء، وهو في المسجد خرج عن هيئة الوقار» (٢).

فمن خرج للناس وأعلى بدنه عَارٍ من الملابس كصدره وجزءٍ من بطنه فقد خرج عن هيئة الوقار، فإذا ستره في أي ثوب فقد حصل المطلوب، وإذا صلى في بيته فله أن يقتصر على ستر عورته، هذا هو ما يفهم من تعليل خليل.

وقال الرجراجي: «كأنه -يعني مالكًا- يرى ذلك من قلة المروءة» (٣). يعني خروجه لمساجد الجماعة بإزار فقط، إلا أن أكثر أصحاب مالك فهموا من استحباب الرداء استحباب الزينة.

قال ابن جلاب في التفريع: «والاختيار لمن صلى في جماعة أن يلبس أكمل ثيابه، ومن صلى وحده فلا بأس أن يقتصر على ستر عورته» (٤).

فعبر ابن جلاب باستحباب أن يلبس أكمل ثيابه، ولا شك أن استحباب


(١) النوادر والزيادات (١/ ١٩٩).
(٢) التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٤٧١).
(٣) مناهج التحصيل (١/ ٣٥٤).
(٤) التفريع (١/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>