للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوضعي يدور مع الحكم التكليفي في هذه المسألة، فالبطلان مترتب على الحرمة، ومع الجهل والنسيان لا حرمة، فانتفت علة البطلان (١).

وقد حكى القاضي أبو يعلى وصاحب المحرر الإجماع على صحة صلاته.

قال ابن اللحام في القواعد والفوائد الأصولية: «لو نسى وصلى في ثوب حرير أو مغصوب، ثم علم، صحت صلاته، ذكره القاضي وصاحب المحرر إجماعًا لزوال علة الفساد وهى اللبس المحرم» (٢).

فالجاهل والناسي ليس عاصيًا بفعله، والبطلان مختص بالفعل المحرم، فزالت علة الإفساد.

• ويناقش:

انتفاء التحريم يسقط الإثم، ولا يكفي للقول بالصحة على قواعد الحنابلة خاصة مع التعليل بأن علة الفساد في الثوب المحرم هو ترك الإتيان بالشرط المأمور به، وهو أحد التعليلين عند الحنابلة (٣)

ذلك أن المأمورات لا تسقط بالنسيان، بخلاف التعليل بقولهم: إن علة إفساد الصلاة هو ارتكاب النهي، فالمنهيات تسقط بالنسيان على الصحيح، وإن كان الحنابلة لا يطردونه، فلو صلى بثوب نجس ناسيًا، فهو من ارتكاب المنهيات، ومع ذلك يوجب الحنابلة الإعادة، وإن كانت الأدلة تدل على صحة الصلاة، لحديث أبي سعيد الخدري في صلاة النبي ، والأذى بنعليه، حيث أخبره جبريل في أثناء الصلاة، فخلعهما، ومضى في صلاته، ولم يستأنف (٤).

قال ابن رجب: «ومنها الصلاة في الثوب المغصوب والحرير، ففي الصحة


(١) شرح منتهى الإرادات (١/ ١٥٢)، المبدع شرح المقنع (١/ ٣٢٤)، مطالب أولي النهى (١/ ٣٣٣)، كشاف القناع (١/ ٢٦٩، ٢٧٠)، الإقناع (١/ ٨٩).
وقال في الإنصاف (١/ ٤٥٩): «لو جهل أو نسي كونه غصبًا أو حريرًا، أو حبس في مكان غصب: صحت صلاته على الصحيح من المذهب. وذكره المجد إجماعًا، وعنه لا تصح».
(٢) القواعد والفوائد الأصولية (ص: ٥٣).
(٣) انظر: قواعد ابن رجب، القاعدة التاسعة، ت مشهور (١/ ٦٠).
(٤) انظر تخريجه في: كتابي موسوعة الطهارة، ط الثالثة، المجلد السابع، ح: (١٤٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>