للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بطلب اليقين.

ولأن العمل بالتحري عمل بالاجتهاد، وأكثر مسائل الشرع العملية قائمة على الظن، ألا ترى أن من شك في جهة القبلة يعمل بالتحري، ولا يأخذ باليقين، بأن يصلي صلاة واحدة أربع مرات إلى أربع جهات؟ فكذلك هنا.

وكذلك من شك في صلاته، فلم يدرِ أصلى ثلاثًا أم أربعًا، فإنه يتحرى في أحد القولين، ولا يبني على اليقين، وهو الأقل، فكذلك هنا.

ولأن وجوب صلاة ثالثة كان من أجل الحصول على الترتيب، وفي وجوبه خلاف قوي، وهو حين بدأ بإحدى الصلاتين لم يقطع يقينًا بأنه قد صلاها قبل الأخرى حتى يقطع بفوات الترتيب، وإذا لم يقطع بفوات الترتيب لم يجب في حقه.

وإذا تعذر عليه التحري سقط عنه كسائر الواجبات تسقط بالعجز.

وقيل: يبدأ بالظهر، وهو قول في مذهب الحنابلة (١).

• وجه هذا القول:

أن التحري فيما له أمارة، وهذا لا أمارة فيه، فيرجع إلى ترتيب الشرع.

وقيل: لا ترتيب بينهما، فيكتفي بصلاة ظهر وعصر فقط، ذكره خليل من المالكية.

• وجه هذا القول:

قال في التوضيح: «وفي المذهب قول ثالث فيمن نسي ظهرًا وعصرًا فقط من يومين معينين، لا يدري ما السابقة منهما، فيكتفي بصلاة ظهر وعصر فقط، وهو أظهر؛ لأن ترتيب المفعولات إنما يطلب في الوقت، فإذا خرج الوقت سقط، والفرض: أن الظهر والعصر فائتتان، فإذا صلاهما فلا وجه للإعادة، وطلب الصلاة مع تعيين يومها مشكل؛ لأنه لو طلب ذلك مع تعيين الأيام لطلب مع عدمه، ولا يطلب ذلك بالاتفاق كما حكاه المصنف، وإنما قلنا: لو طلب مع التعيين لطلب مع عدمه؛ لأن نية إيقاع الصلاة في يومها المعين إما أن يكون معتبرًا شرعًا، فإن كان معتبرًا لزم ذلك في المعين والمجهول، وإن لم يكن معتبرًا سقط فيهما، وقد يفرق بأنه لو طلب ذلك مع عدم التعيين لزم الحرج؛ لأنه كان يلزم تكرار صلوات جميع


(١) القواعد والفوائد الأصولية (ص: ١٣٨)،.

<<  <  ج: ص:  >  >>