فهنا قدموا العمل بالظاهر على العمل بالأصل والمتيقن؛ لأن الظاهر قد يقوى فيترجح على الأصل، وقد يتعارضان بلا ترجيح وقد يضعف الظاهر فيقدم الأصل، والله أعلم. وكذلك صنع الحنابلة، فهناك مسائل قالوا: يعمل باليقين، ولا يلتفت إلى غلبة الظن لو وجد. وهناك مسائل قالوا: يكتفي فيها بغلبة الظن. ومن المسائل التي قالوا: لابد فيها من اليقين، ما إذا تيقن الطهارة وشك في الحدث أو العكس. ومنها اشتباه الماء الطهور بالنجس أو بلفظ أعم: اشتباه المحرم بالحلال، ومنها لو شك في طلوع الفجر فإنه يأكل حتى يستيقن، ومنها لو شك في عدد الطلاق أو الرضعات، أوشك في عدد الطواف أو السعي أو الرمي كل ذلك يعمل باليقين ويطرح الشك ولا ينظر إلى غلبة الظن. وهناك مسائل قالوا: يكفي فيها غلبة الظن، كالاجتهاد في تحري القبلة، وكالمستجمر إذا أتى بالعدد المعتبر، ومنها الغسل من الجنابة يكفى فيه الظن بالإسباغ، ومنها إذا شك في صلاته فإنه يأخذ بالمتيقن مع إمكان غلبة الظن ومنها مسائل كثيرة ذكرها ابن اللحام في القواعد والفوائد الأصولية فلتراجع (ص: ٥ - ١٥)، وأما ابن تيمية فقد طرد القاعدة، فيرى أنه إذا تعذر اليقين رجع إلى غلبة الظن في عامة أمور الشرع. انظر: القواعد والفوائد الأصولية (ص: ٤).