للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

رواية عن أحمد، وبه قال المالكية في الأصح إلا أنهم استحبوا لمن ترك الترتيب جاهلًا أو متعمدًا إعادة الحاضرة بعد إتيانه بيسير الفوائت بالوقت، فإن خرج وقت الحاضرة فلا يعيدها (١).

كيف ترتب الخلاف؟

هذه المسألة فرد من مسائل كثيرة تنازع الفقهاء فيها، ويرجع الخلف لاختلافهم في اعتبار الجهل عذرًا تسقط به الأحكام:

فمنهم من يعتبر الجهل عذرًا مطلقًا، وبهذا يأخذ ابن تيمية:

وقد نقل ابن مفلح في الفروع عن شيخه ابن تيمية: أن الشرائع لا تلزم إلا بعد العلم، وأن كل من ترك واجبًا قبل بلوغ الشرع، لم يكلف الإعادة، ومثل له بمن ترك التيمم لعدم الماء؛ لظنه عدم الصحة به، أو أكل حتى يتبين له العقال الأبيض من العقال الأسود؛ لظنه ذلك، أو لم تصل مستحاضة ونحوه، قال: والأصح لا قضاء، ولا إثم؛ للعفو عن الخطأ والنسيان، ومعناه: ولم يقصر، وإلا أثم، وكذا لو عامل بربًى، أو أنكح فاسدًا، ثم تبين له التحريم ونحوه (٢).

ومنهم من يرى الجهل ليس بعذر مطلقًا كالحنابلة بخلاف النسيان؛ فالنسيان لا ينفك عنه البشر حتى الأنبياء، وأما الجهل فهو متسبب به؛ يلام عليه، وقد كان عليه أن يتعلم، فلم يفعل.


(١) البناية شرح الهداية (٢/ ٥٨٨)، منحة الخالق على البحر الرائق (٢/ ٨٨)، البحر الرائق (٢/ ٩١)، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ١٤٦)، التقرير والتحرير على تحرير الكمال لابن الهمام (٣/ ٣٢٥)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: ٤٤٣)، الدر المختار مع حاشية ابن عابدين (٢/ ٧٠).
ذهب المالكية في الأصح أن من ترك الترتيب في الفوائت جاهلًا أو متعمدًا حتى خرج الوقت فلا إعادة عليه. انظر: البيان والتحصيل (٢/ ٨٦)، التاج والإكليل (٢/ ٢٨١)، شرح الخرشي (١/ ٣٠١)، الفواكه الدواني (١/ ٢٢٧)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٢٦٦)، حاشية الصباني على الشرح الصغير (١/ ٣٦٧)، مواهب الجليل (١/ ٣٠٣).
وانظر قول الحنابلة في: الفروع (١/ ٣٠٨)، الإنصاف (١/ ٤٤٥)، القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام (ص: ٩٠).
(٢) انظر: الفروع (١/ ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>