وقت الحاضرة ارتفع وجوب الترتيب بوجوب آكد منه؛ لأن ما تعلق بالوقت مقدم على ما تعلق بالذمة، فالفائتة سبب وجوبها تذكرها، وهو لا يختص بوقت معين، والحاضرة سبب وجوبها دخول وقتها، فكان تعلقها بالوقت آكد، وحتى لا تتحول المؤداة بنفسها إلى فائتة، فتتسع المفسدة.
ولأن إخراج وقت الحاضرة مراعاة للترتيب إخراج للصلاة عن وقتها عمدًا، فيكون فعله تعمدًا للحرام، بخلاف الفوائت فإنه يفترض أنها كانت فائتة لعذر؛ لأن المسلم لا يتعمد ترك الصلاة.
وعَلَّلَ الحنفيةُ الحكمَ:
بأن الوقت وقت للمكتوبة في الكتاب، ووقت للمقضية بخبر الواحد: يعني (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) والكتاب مقدم على خبر الواحد.
لهذا التعليل رأى الجمهور سقوط الترتيب إذا خشي خروج الوقت.
وأما وجه قول ابن مسلمة:
فهو بنى قوله الفقهي على أن المنسيات إذا وفى بجميعها دفعة واحدة راعى الترتيب، ولو فاتت الحاضرة؛ لوجوب الترتيب، وتقديم الأسبق، والبداءة بما بدأ الله به، فإذا كان لا يوفي بجميعها دفعة واحدة، فلا فائدة في تأخير الحاضرة عن وقتها؛ لأنه إذا لم يقدم جميع المنسيات فلا بد أن يصلي الحاضرة، فترك صلاتها من غير اشتغال بالقضاء لا يصح كما لا يصح تعمد تركها لمن لا صلاة عليه.
وأما تفريق المالكية بين القليل والكثير فقد وقفت على موجبه، ومناقشته.
• الراجح:
أن وجوب الترتيب لا يقدم على وجوب فعل الحاضرة في وقتها؛ لأن الخلاف في وجوب الحاضرة في وقتها أقوى من الخلاف في وجوب الترتيب، وإذا تنازع واجبان كان مراعاة الأقوى هو السبيل للترجيح، والله أعلم.