للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولو خشي خروج وقت الحاضرة، امتثالًا لهذا الأمر، خص منه بالإجماع الصلوات الكثيرة، وبقي الحديث مستعملًا في الصلوات اليسيرة.

و لأنه لو وجب في أكثر من ذلك لوجب في سنين كثيرة، وذلك ما لا يطاق عليه؛ لأنه لا سبيل إلى أن يقضي صلاة سنة أو أكثر في يومين ولا ثلاثة ولو تكلف ذلك أحد لترك أيام القضاء بغير صلوات، وهذا جهل من قائله، فلم يكن بُدٌّ من حَدٍّ بين القليل والكثير في ذلك، (١).

• ويناقش:

بأن الواجب أمران: الترتيب، وأداء الصلاة الحاضرة في وقتها للقدرة عليه، فإن أمكن القيام بالواجبين تعينا على المكلف، وإن تزاحما قدمت الحاضرة؛ لأن ما تعلق بالوقت مقدم على ما تعلق بالذمة.

وهناك فرق بين وجوب التتابع في قضاء الفوائت، فهذا يسقط مع المشقة، والحاجات الضرورية لمعاشه، ولمن يعول، فهذا هو الذي حُكِيَ الإجماعُ على سقوطه، وبين وجوب الترتيب في الفوائت نفسها، ولو كثرت، ولذلك الحنابلة يوجبونه في القليل والكثير، ما لم يُخْشَ فوات الحاضرة.

وإن ضاق وقت الحاضرة:

فقيل: يسقط الترتيب، ويجب تقديم الحاضرة مطلقًا، قلت الفوائت أو كثرت، وهو مذهب الجمهور، واختاره ابن وهب من المالكية، وابن حزم (٢).

وقيل: لا يسقط مطلقًا قلت أو كثرت، وهو رواية عن أحمد، اختارها الخلال، وأنكر القاضي هذه الرواية، وحكي عن أحمد ما يدل على رجوعه عنها (٣).


(١) انظر: المقدمات الممهدات (١/ ٢٠٧)، شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٢٢٥).
(٢) تبيين الحقائق (١/ ١٨٦)، النهر الفائق (١/ ٣١٦)، أصول السرخسي (١/ ١١٦)، المبسوط (١/ ١٥٤)، فتح القدير لابن الهمام (١/ ٤٨٨)، بدائع الصنائع (١/ ١٣٤)، التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٣٥٦)، الشامل في فقه الإمام مالك (١/ ١١١)، فتح العزيز (٣/ ٥٢٤)، روضة الطالبين (١/ ٢٦٩)، المجموع (٣/ ٧٠)، الإنصاف (١/ ٤٤٤)، الإقناع (١/ ٨٥)، مطالب أولي النهى (١/ ٣٢١)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٤٦)، كشاف القناع (١/ ٢٦١).
(٣) الإنصاف (١/ ٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>