للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أجل المغرب.

•واعترض على هذا الاستدلال:

أن هذا فعل مجرد، والأفعال المجردة لا تقتضي الوجوب فضلًا عن الشرطية.

• وأجيب:

هذا الفعل المجرد يقتضي الوجوب لوقوعه بيانًا للمجمل في قول : ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [المزمل: ٢٠]، وقوله : صلوا كما رأيتموني أصلي (١).

• ويرد على هذا:

القول بأن الأصل في جميع أفعال الصلاة الوجوب إلا لصارف وقرينة يصرفها عن الوجوب، لقوله : (صلوا كما رأيتموني أصلي)، ومثله ما قالوه في الحج أخذًا من قوله (خذوا عني مناسككم) قول ضعيف جدًّا.

وإلا لقائل أن يقول: كل أفعال الرسول الأصل فيها الوجوب أخذًا من قوله تعالى: ﴿وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٨].

وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٣١].

قال ابن القيم تعليقًا على قوله: (خذوا عني مناسككم): «أن نفعل كما فعل على الوجه الذي فعل، فإذا كان قد فعل فعلًا على وجه الاستحباب، فأوجبناه لم نكن قد أخذنا عنه وتأسينا به، مع أنه فعل في حجته أشياء كثيرة جدًّا لم يوجبها أحد من الفقهاء» (٢).

ولا شك أن الاستدلال بالأوامر العامة المشتملة على أحوال وهيئات، وصفات وأقوال، أحكامها مختلفة، لا يصح الاستدلال على وجوبها بهذا النص المطلق، فقوله : (صلوا كما رأيتموني أصلي) قاله النبي لمالك بن الحويرث وقد شاهد الرسول يصلي بالمسلمين عشرين يومًا، ولا شك أن ما فعله في صلاته ، منه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب، فأفعال النبي في صلاته دليل على المشروعية، وأما دلالته على الوجوب فيحتاج إلى دليل خاص،


(١) انظر: أضواء البيان (٣/ ٤٥٨).
(٢) تهذيب السنن (١/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>