للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يمسي أو يبيت عندنا فأمرت بقسمته (١).

الوجه الثاني:

أن الخروج من المكان الذي نام فيه الإنسان قد اختلف العلماء في حكمه، وفي تعليله، والراجح في حكمه أنه للاستحباب (٢)، ولو كانت الفورية واجبةً لم يترك الواجب لتحصيل مستحب.

وقد قيل في علة الفعل أقوال كثيرة، منها: أنه فعل ذلك ليستيقظ من كان نائمًا، وينشط من كان كسلانًا، وقيل: تحرزًا من العدو، وقيل: انتظارًا لما ينزل عليه من الوحي، وأصحها ما جاء صريحًا في الحديث، أنه من أجل أنه مكان حضره الشيطان، وأصابتهم فيه غفلة خلافًا للحنفية (٣).

وإذا كان هذا هو الراجح في تعليل الحكم، فإن العلة لا توجب مفارقة المكان لحضور الشيطان، بل تلحقه بالآداب، خاصة أن المصلي لا ينفك عن وسوسة الشيطان.

(ح-٦٢٠) فقد أخرج الشيخان من طريق أبي الزناد، عن الأعرج،

عن أبي هريرة أن رسول الله قال: إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان، وله


(١) صحيح البخاري (١٢٢١).
(٢) قال ابن رجب في فتح الباري (٥/ ١١٩): «استحب الانتقال لمن نام في موضع حتى فاته الوقت عن موضعه ذلك جماعة من العلماء، منهم: الشافعي وأحمد؛ لهذه الأحاديث، وحكى ابن عبد البر عن قوم أنهم أوجبوا ذلك، وعن قوم أنهم أوجبوه في ذلك الوادي الذي نام فيه النبي خاصة، وقال قوم: لا يستحب ذلك؛ لأنه لا يطلع على حضور الشيطان في مكان إلا بوحي. وهذا قول محمد بن مسلمة ومطرف، وابن الماجشون من المالكية، وأبي بكر الأثرم. وهو ضعيف؛ فإن كل نوم استغرق وقت الصلاة حتى فات به الوقت فهو من الشيطان؛ فإنه هو الذي ينوم عن قيام الليل، ويقول للنائم: ارقد، عليك نوم طويل، كما أخبر بذلك النبي . وقال في الذي نام حتى أصبح: (بال الشيطان في أذنه … ).
(٣) حمل الحنفية الارتحال من أجل أن ترتفع الشمس؛ لأن قضاء الفائتة لا يجوز عندهم في وقت النهي إلى أن ترتفع الشمس، وقد مر معنا أن الحنفية يرون أن الشمس لو طلعت عليه، وهو في صلاة الفجر بطلت صلاته؛ لأن الصلاة تتحول إلى قضاء، والقضاء لا يجوز في وقت النهي. وحمله غير الحنفية على أنه أراد أن يتحول عن المكان الذي أصابتهم فيه غفلة، وحضره شيطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>