للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهاتان الجملتان في النص على الصبح والعصر تعتبران موافقتين في العموم لحديث الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)؛ لأن ذكر فرد من أفراد العموم، يوافق العام في حكمه، لا يقتضي تخصيصًا، كل ما هناك أن الزهري رواه عن أبي سلمة، عن أبي هريرة على سبيل العموم.

ورواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة به بالتنصيص على العصر والصبح بما يوافق العموم، وهما حديثان: أحدهما عام في الصلوات، والآخر خاص في العصر والصبح.

وإن اعتبرنا ذلك اختلافًا على أبي سلمة بين الزهري ويحيى بن أبي كثير، وكان لا بد من الترجيح بينهما، فقد كان شعبة يقدم يحيى على الزهري،

وقال أحمد: «إذا خالف الزهري يحيى فالقول قول يحيى» (١).

ويترجح يحيى بأمر خارج، فقد رواه مالك، عن عطاء بن يسار، وبسر بن سعيد، والأعرج عن أبي هريرة بالتنصيص على الصبح والعصر، بلفظ: من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس، فقد أدرك العصر.

وهذه متابعة لأبي سلمة من رواية يحيى بن أبي كثير عنه.

وأما ما روي من ألفاظ كقولهم: (فليتم صلاته) أو (لم تفته) أو نحوهما كقوله: (فليصل إليها أخرى) فلعله روي على المعنى، وهو جائز عند عامة العلماء بشرطه، فإن مقتضى كونها (لم تفته) أن يتمها بعد خروج الوقت، إلا أن لفظ لم تفته إن كان من قبيل الرواية بالمعنى ففيها نقاش؛ لأن فيها معنىً زائدًا على قوله: (فليتم صلاته) لأن إتمام الصلاة أعم من كونها أداء أو قضاء، بخلاف لفظ: (لم تفته) فإنها تفيد معنى الأداء.

قال ابن رجب في شرح البخاري: «وفي هذه النصوص كلها دليل صريح على أن من صلى ركعة من الفجر قبل طلوع الشمس ثم طلعت الشمس أنه يتم صلاته وتجزئه، وكذلك كل من طلعت عليه الشمس وهو في صلاة الفجر فإنه يتم صلاته وتجزئه، وهو قول جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم» (٢).


(١) العلل ومعرفة الرجال (٣٢٥٤).
(٢) فتح الباري (٥/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>