للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصلاة لا تقضى في وقت النهي.

فالصلاة قبل الغروب إذا كانت أداء يكون مخاطبًا بالدخول بها لبقاء الوقت؛ لأن الوقت الذي هو سبب وجوب الصلاة ما زال قائمًا، لحديث: (من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)، وما وقع بعد غروب الشمس وإن كان قضاء فلم يصادف وقت النهي حتى تبطل كالفجر

وأما عصر أمسه فلا يصح دخوله في الصلاة قبل الغروب؛ لوقوع القضاء في وقت النهي، فليست أداء حتى يغتفر دخوله فيها، والقضاء في وقت النهي لا يصح عندنا.

فصار مذهب الحنفية يرجع إلى مسألتين هما محلا نزاع:

المسألة الأولى: أن ما يقع من الصلاة بعد طلوع الشمس يكون قضاء؛ لوقوعه خارج الوقت.

والمسألة الثانية: أن الفوائت لا تقضى في أوقات النهي (١).


(١) قال ابن رجب كما في فتح الباري (٤/ ٣٣١): «وأجمع العلماء على أن من صلى بعض العصر ثم غربت الشمس أنه يتم صلاته، ولا إعادة عليه.
وأجمعوا على أن عليه إتمام ما بقي منها، وهو يدل على أن المراد بإدراكها إدراك وقتها.
واختلفوا في الواقع منها بعد غروب الشمس: هل هو أداء، أو قضاء؟ وفيه وجهان لأصحابنا والشافعية:
أحدهما: أنه قضاء، وهو قول الحنفية؛ لوقوعه خارج الوقت.
والثاني: أنه أداء، وهو أصح عند أصحابنا والشافعية؛ لقوله - -: فقد أدركها.
وللشافعية وجه آخر: أنها كلها تكون قضاء، وهو ضعيف.
هذا كله إذا أدرك في الوقت ركعة فصاعدًا، فإن أدرك دون ركعةٍ ففيه للشافعية طريقان:
أولهما: أنه على هذا الخلاف - أيضًا.
والثاني: أن الجميع قضاء، وبه قطع أكثرُهم.
وأما مذهب أصحابنا، فقال أكثرهم: لا فرق بين أن يدرك في الوقت ركعة أو ما دونها، حتى لو أدرك تكبيرة الإحرام كان كإدراك ركعة.
واستدلوا بحديث: (من أدرك سجدة)، وقالوا: المراد به قدر سجدة.
وفيه نظر؛ فإن السجدة يراد بها الركعة، وهو المراد من هذا الحديث والله أعلم.
وحكى بعضهم رواية عن أحمد، أنه لا يكون مدركًا لها في الوقت بدون إدراك ركعة كاملة، وبذلك جزم ابن أبي موسى في إرشاده، وجعله مذهب أحمد، ولم يحْكِ عنه فيه خلافًا،
فعلى هذا ينبغي أن يكون الجميع قضاء إذا لم يدرك في الوقت ركعة، وهو ظاهر قول الأوزاعي».

<<  <  ج: ص:  >  >>