للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

القول الثالث:

قال الإصطخري: «إذا فات الوقت المختار يفوت وقتها لأهل الرفاهية، وتكون قضاء في حقهم، دون أهل الأعذار» (١).

إذا علم ذلك فقد خلص لنا من الخلاف قولان:

أحدهما: أن الأئمة الأربعة على امتداد وقت العشاء إلى طلوع الفجر.

الثاني: يخرج الوقت بخروج الوقت المختار، ولم يثبت نسبة هذا القول


= المغرب والعشاء، وهذا دليل على بقاء وقتها.
رابعًا: أن القاضي أبا يعلى نقل عن الخرقي: أن آخر الوقت المختار إذا ذهب ثلث الليل، ولو كان الخرقي يرى خروج الوقت مطلقًا لنبه على ذلك أبو يعلى في كتابه.
خامسًا: أن أكثر الحنابلة ممن له عناية بذكر أقوال المذهب لم يذكروا هذا القول، لا عن الخرقي، ولا عن غيره، فلم يذكر ذلك ابن قدامة في المغني، ولا في الكافي، ولا صاحب المستوعب، والشرح الكبير، ولا صاحب المحرر، والحاوي، ولم يذكر ذلك الزركشي في شرح الخرقي، ولو كان يعرف ذلك عن الخرقي لأشار إليه، ولم يذكر ذلك القاضي أبو يعلى، ولا صاحب الإقناع، ولا في المقنع، ولم يشر إليه التنوخي في الممتع، وقد راجعت كل هذه المصادر في المذهب، فأنا في شك من صحة نسبة هذا القول للخرقي، خاصة أن من نسب هذا القول، قد نبه على أنه ظاهر كلام الخرقي وظاهر كلام صاحب الروضة، وليس الظاهر كالنص، والله أعلم.
(١) المنسوب للإصطخري ينبغي تحريره، هل إذا فات وقت الاختيار يخرج الوقت بحيث يوجد فاصل بين وقت المغرب والعشاء، كما يراه ابن حزم؟ هذا هو ظاهر كلام ابن الملقن، قال في التوضيح (٦/ ٢٤٦): «وأغرب الإصطخري، فقال بخروج الوقت المختار يخرج الوقت».
أو أنه إذا فات وقت الاختيار خرج وقت الجواز، وبقي وقت أهل الأعذار، وهذا ما صرح به كثير من الشافعية، هو المراد:
قال الماوردي في الحاوي (٢/ ٢٥): «فإذا تجاوز هذا القدر فقد خرج وقت الاختيار، ثم الظاهر من مذهب الشافعي أن وقتها في الجواز بَاقٍ إلى طلوع الفجر. وقال أبو سعيد الإصطخري: قد خرج وقتها اختيارًا وجوازًا، ومن فعلها بعده كان قاضيًا لا مؤديًا، وإنما يكون ما بعد ذلك وقتًا لأصحاب الأعذار دون الرفاهية، وقد أشار إليه الشافعي في موضع من كتاب الأم … والصحيح بقاء وقتها في الجواز إلى طلوع الفجر».
وجاء في المجموع (٣/ ٤٠): وقال الشيخ أبو حامد: إذا كمل الصبي والكافر والمجنون والحائض قبل الفجر بركعة لزمتهم العشاء بلا خلاف، ووافق عليه الإصطخري فلو لم يكن ذلك وقتًا لها لم يلزمهم .... ».

<<  <  ج: ص:  >  >>