الثاني: أن التفضيل بين العبادات مرده إلى الشرع، وقد دلت النصوص على تقديم الفريضة في أول وقتها على مصلحة تكثير النوافل.
الثالث: لو سلم هذا المعنى لكان استحباب تأخير العصر مستحبًّا في حق من يريد تكثير النوافل لا مطلقًا، ومذهب الحنفية استحباب التأخير مطلقًا.
• وأما أدلة الحنفية على استحباب التعجيل في يوم الغيم:
الدليل الأول:
(ح-٥٠٧) ما رواه البخاري من طريق هشام -يعني الدستوائي- عن يحيى ابن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي المليح، قال:
كنا مع بريدة في غزوة في يوم ذي غيم، فقال: بكروا بصلاة العصر، فإن النبي ﷺ قال: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله (١).
• ونوقش:
بأن ذكر الغيم في الحديث يحتمل أن يكون لبيان الواقع، فكما أن قوله:(كنا في غزوة) وصف طردي لا تأثير له في الحكم، فكذلك قوله (في يوم غيم).
بدليل أنه لم يرتب عليه حكمًا، فالحديث اشتمل على موقوف ومرفوع، وكلاهما لا علاقة له بالغيم.
فالموقوف: بكروا بصلاة العصر.
وعلل الأمر بالتبكير: بأن النبي ﷺ قال: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله، ولم يعلله بالغيم حتى يكون ذكر الغيم وصفًا مؤثرًا بالحكم.
ويحتمل أن يكون ذكر الغيم له أثر في الأمر بالتبكير، ويكون الصحابي أراد من أمرهم بالتبكير حال الغيم؛ لأن هناك من يتكلف ويتنطع، ويريد أن يؤخر الوقت ليتيقن دخوله فيؤدي ذلك إلى إخراج الصلاة عن وقتها، لهذا ربط الأمر بالتبكير