للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= حين ذهب بياض النهار فأخرها النبي فنمنا، ثم نمنا مرارًا، ثم خرج رسول الله فقال: إن الناس قد صلوا ورقدوا وإنكم لم تزالوا في صلاة منذ انتظرتم الصلاة، ثم ذكر الحديث بطوله.
فاقتصر منه ابن خزيمة على وقت العشاء، وهو ما وقعت فيه المخالفة بين رواية أبي وهب الكلاعي ورواية عبد الله بن الحارث، فلفظ عبد الله بن الحارث أنه صلى العشاء عند غياب الشفق، ورواية أبي وهب الكلاعي عند ابن خزيمة أنه صلى العشاء عند ذهاب البياض، بما يعني أن الشفق هو البياض، وليس الحمرة.
وطريق ابن خزيمة فيه صدقة بن عبد الله السمين ضعيف الحديث.
وكلا الطريقين مداره على سليمان بن موسى، عن عطاء، عن جابر، فهل هذا حديث مستقل بنفسه، أم هو حديث جابر في إمامة جبريل للنبي ، كما في رواية وهب بن كيسان وغيره عن جابر؟
فإذا اعتبرناه هو حديث إمامة جبريل للنبي فإن كل من رواه لم يذكر للمغرب إلا وقتًا واحدًا، كما في حديث ابن عباس، ورواية وهب بن كيسان عن جابر، وكلاهما لم يذكرا أن رجلًا سأل النبي عن مواقيت الصلاة، وهذا مما يضعف رواية سليمان بن موسى، عن عطاء. وقد ذهب إلى ذلك ابن عبد البر في التمهيد (٨/ ٨٧)، قال: «لم يتابع عليها سليمان بن موسى، وقد روى ابن جريج وبرد بن سنان، عن عطاء، عن جابر، عن النبي الحديث، وليس فيه للمغرب إلا وقت واحد، وكذلك رواه كل من رواه عن جابر، منهم وهب بن كيسان، وبشير بن سليمان». اه
وهذا ما فعله النسائي في سننه الكبرى حيث أورد حديث سليمان بن موسى عن عطاء، ثم أتبعها برواية برد بن سنان، عن عطاء، ثم ختمها برواية وهب بن كيسان عن عطاء، وكل هذه الثلاثة الأحاديث أوردها تحت عنوان (ذكر اختلاف الناقلين لخبر جابر بن عبد الله في آخر وقت المغرب)، وكأن النسائي يريد أن يرجح رواية برد بن سنان، عن عطاء، ووهب بن كيسان كلاهما عن جابر، على رواية سليمان بن موسى عن عطاء، عن جابر، والله أعلم.
ولا شك أن تفرد سليمان بن موسى بهذا الحديث عن عطاء، وهو فيه كلام، يجعل في النفس شيئًا من تقبل روايته تلك، قال النسائي: أحد الفقهاء، وليس بالقوي في الحديث، وقال البخاري: عنده مناكير، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب، ووثقه ابن معين، ودحيم، والدارقطني.
وإذا اعتبرنا أن حديث سليمان بن موسى عن عطاء، لا دخل له في قصة إمامة جبريل، لم يستنكر ما ذكره في المغرب من وقتين، فقد جاء نحوه مرفوعًا من حديث أبي موسى وحديث بريدة، وكلاهما في مسلم.
وقد مال البيهقي إلى الجمع، حيث قال عقب رواية سليمان (١/ ٣٧٢): «ورواه برد بن سنان، عن عطاء، فذكر قصة إمامة جبريل للنبي ، وذكر وقت المغرب واحدًا، وتلك قصة سؤال
السائل عن أوقات الصلوات قصة أخرى كما نظن، والله أعلم».=

<<  <  ج: ص:  >  >>