للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الكبرى: تأخير الجمعة في الحر، مما يدل على أنهم قاسوا الجمعة على الظهر، ويبقى تحقيق المناط في صحة هذا القياس، وسوف أناقش العلة الجامعة بينها وبين الظهر في الدليل التالي إن شاء الله تعالى.

الدليل الثاني:

(ح-٤٤٩) ما رواه البخاري ومسلم من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب،

عن أبي هريرة، عن النبي قال: إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم (١).

فالعلة في الإبراد منصوص عليها في الحديث: وهي شدة الحر، وهذا الوصف موجود في صلاة الجمعة كوجوده في صلاة الظهر.

• ونوقش هذا من وجهين:

الوجه الأول:

قياس الجمعة على الظهر لا يصح، حيث لم ينقل الإبراد بالجمعة في عهد النبي ، وما تركه فهو سنة كفعله، ولو كان الإبراد مشروعًا للجمعة لفعله النبي ، ولو فعله لنقل إلينا، وكل عبادة قام سببها على عهد النبي ، ولم تفعل، ولم يمنع من فعلها مانع فهي غير مشروعة، بل المنقول لنا من سنته في الجمعة التبكير فيها حتى في شدة الحر، كما حفظ لنا ذلك سلمة بن الأكوع ، وذكرت دليله في القول الأول.


= التبكير والإبراد لصلاة الظهر.
الرابع: أن أكثر الرواة لا يذكرون الجمعة في الحديث، مثل يونس بن بكير، وأبي سعيد مولى بني هاشم، وخالد بن الحارث، وأما بشر بن ثابت فصرح أن الصلاة هي الظهر كما في سنن البيهقي، وفي رواية البخاري المعلقة كيف كان النبي يصلي الظهر؟، فهؤلاء أربعة من خمسة، لا يذكرون قوله: (يعني الجمعة).
الخامس: لو كان هذا الاختلاف وقع في لفظة مرفوعة كان الاختلاف دليلًا على ضعفها، كيف وهي لفظة جاءت من بعض الرواة، لا يعرف هل كانت من التابعي أو ممن دونه.
وأما صنيع الإمام البخاري فالذي يظهر أنه ألحق الجمعة بالظهر من باب القياس،
(١) صحيح البخاري (٥٣٦)، وصحيح مسلم (٦١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>