للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

جهنم)، فأمر بالإبراد بالصلاة طلبًا لكمال الخشوع في الصلاة، واتقاء لفيح جنهم الذي يصيب المصلي كما يصيب الذاهب إلى الصلاة، وهو مذهب الجمهور.

وقيل: العلة مشقة المشي في الحر، وهو مذهب الشافعية.

وقيل: هو وقت تنفس جهنم (١).

(ح-٤٤٣) لما رواه البخاري ومسلم من طريق ابن شهاب، عن أبي سلمة،

أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله : اشتكت النار إلى ربها فقالت: رب أكل بعضي بعضًا، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فأشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير (٢).

ولأنه لما علل بعلة لا تعلم إلا بالوحي علم أنه قصد معنًى يخفى على أكثر الناس، وهو كراهة إيقاع الصلاة وقت تنفس جنهم.

والتعليل بشدة الحر أظهر من التعليل بالمشقة الناتجة عن شدة الحر؛ لأن وصف الشافعية يمكن أن يعدَّ حكمة، وليس علة للحكم، كالسفر علة للإفطار والقصر، والحكمة وجود المشقة في السفر.

ولأن أكثر المساجد إنما يصلي فيها جيرانها، فلا يجوز حمل الأحاديث على المساجد التي ينتابها الناس من بعد؛ لأن هذا صورة قليلة بالنسبة إلى غيرها، فحمل النص العام عليها يكون حملًا له على الأقل دون الأكثر من غير أن يكون في الكلام ما يدل عليه.

فإذا رجحنا أن العلة تجنب الصلاة في شدة الحر طلبًا لكمال الخشوع، فلا شك أن هذا المعنى لا يختلف فيه المنفرد عن الجماعة، ولا الصلاة في البيت عن المسجد، خاصة أنهم في الزمن الأول لم يكن لديهم وسائل التكييف والتبريد


(١) انظر: شرح التلقين (١/ ٣٩٠)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (١/ ٢٢٨)، فتح الباري لابن رجب (٤/ ٢٤١)، وفتح الباري لابن حجر (٢/ ١٦)، طرح التثريب (٢/ ١٥٣)، كوثر المعاني في كشف خبايا البخاري (٧/ ٤٨٤، ٤٨٥)، حاشية العدوي على الخرشي (١/ ٢١٦)، فيض القدير (٧/ ٨).
(٢) صحيح البخاري (٣٢٦٠)، ومسلم (٦١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>