للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومسألتنا: هي في ترك الطهارة المائية مع القدرة عليها لمصلحة الوقت، وبينهما فرق، فلو عجز عن الطهارة المائية تيمم لمصلحة الوقت، ولا إشكال، وهي محل إجماع حتى لو تيقن أنه يجد الماء بعد الوقت.

فلا يقاس العاجز على المقتدر، ولا يؤخذ من الإسقاط في العجز حال الخوف ترتيب الأوليات في حال الأمن، فمثلًا في النافلة له أن يصلي جالسًا مع قدرته على القيام، ولا يسقط عن المتنفل استقبال القبلة إذا كان مقيمًا على الأرض، وليس في هذا أن استقبال القبلة أهم من القيام في الصلاة، إلا أن الشرع راعى في سقوط القيام عن المتنفل الحاجة إلى تسهيل النوافل وتكثيرها، ولم يَرَ في سقوط استقبال القبلة وهو يتنفل على الأرض أي معنى لتخفيف الصلاة، فاتجاهه إلى القبلة كاتجاهه إلى غيرها، لهذا أبطل صلاته إذا انحرف عن القبلة متعمدًا، ولو كان في نافلة ما دام مقيمًا على الأرض، علمًا أن الخوف إذا اشتد على المجاهد حتى لا يضبط صلاته سقطت عنه على الصحيح، كما فعل الصحابة في فتح تستر، وسوف تأتينا إن شاء الله تعالى.

الدليل الثالث:

القياس على المسافر، وذلك أن المسافر إذا علم أنه لا يجد الماء إلا بعد خروج الوقت كان فرضًا عليه أن يصلي بالتيمم حكاه بعض العلماء إجماعًا (١)، وليس له أن يؤخر الصلاة عن وقتها حتى يصل إلى الماء، فكذلك الحال هنا، يجب عليه أن يؤدي الصلاة بالتيمم، ولا يخرج العبادة عن وقتها طلبًا للطهارة المائية.

• ونوقش هذا:

بأن الخلاف محفوظ حتى في المسافر، فالحنفية رأوا أن الماء إذا كان قريبًا من المسافر فإنه لا يتيمم، ولو خرج الوقت (٢)، وهو أحد القولين في


(١) مجموع الفتاوى (٢١/ ٤٧٢).
(٢) انظر: حاشية ابن عابدين (١/ ٢٣٢)، بدائع الصنائع (١/ ٥٥)، الجوهرة النيرة (١/ ٢١)، البحر الرائق (١/ ١٤٧، ١٦٧)، المبسوط (١/ ١١٤، ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>