للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لأن قيام سبب الوجوب كان قبل تكليفهم.

وإنما كون الوقت سببًا للوجوب أن كل جزء من الوقت يعتبر سببًا تامًّا، ويظل يتنقل حتى يتلبس المصلي بالصلاة أو يخرج الوقت فالسبب بالنسبة للمصلي هو ما يسبق الأداء حتى يقع الأداء بعد سببه، هذا معنى قولنا: إن الوقت سبب للوجوب.

الوجه الثاني:

أن الوجوب إما أن يكون قد استقر أول الوقت، كما تقولون، أو يتعلق بآخر الوقت كما يقول بعض الحنفية، أو أن الوجوب يشمل كل الوقت وتعيينه راجع للمكلف ما لم يَضِقْ الوقت.

فلو كان الوجوب قد استقر في أول الوقت لما جاز تأخير الصلاة إلى آخر الوقت، ولكان فعل الصلاة بعد أول الوقت يكون قضاءً سَدَّ مسَدَّ الأداء.

فلما أذن الشارع في الصلاة في وسط الوقت وآخره، والإذن في تفويت الأداء لفعل القضاء من غير ضرورة ولا حاجة خلاف قواعد الشرع، نعم يجوز تفويت الأداء لفعل القضاء لحاجة السفر، والمرض، كما في صيام رمضان ونحوه.

ولو كان الوجوب يتعلق بآخر الوقت لكان فعل الصلاة في أول الوقت نافلة، والمصلي يصلي أول الوقت بنية الفريضة، فتعين أن الوجوب متعلق بجزء منه يسع فعل العبادة، ولكنه غير معين، وإنما يتعين إذا أوقع المكلف العبادة فيه، أو ضاق الوقت، وإذا كان ذلك كذلك لم يصح القول بأنه إذا لم يفعل العبادة أول الوقت ولم يعزم على الفعل عُدَّ معرضًا، وإنما المعرض مَنْ تَرَكَ الفعل مطلقًا حتى خرج الوقت، أو عزم على الترك.

الدليل الثاني:

إذا جاز تأخير الصلاة عن أول الوقت لزمكم أحد أمرين:

إما أن يخرجها ذلك عن وصف الصلاة بالوجوب في أول الوقت؛ لأن جواز الترك ينافي حقيقة الوجوب، وعلى هذا تكون الصلاة أول الوقت نافلة، وفي آخر الوقت واجبة، وهذا يقتضي أن يكون النفل أفضل من الواجب، وهذا ما حمل بعض الحنفية على القول به.

<<  <  ج: ص:  >  >>