للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لقتل تارك الصلاة ألا يقتل حتى يخرج وقت الثانية؛ فهذا من باب درء العقوبة بالشبهة، وحتى يتحقق الترك الموجب للقتل؛ لأنه لا يقتل حتى يترك، ولا يصح أن يقال ترك الصلاة حتى يخرج وقتها، فإذا خرج وقتها صارت فائتة، فقالوا: لا يقتل بترك الفائتة للاختلاف في وجوب الفورية في القضاء، فإذا ضاق وقت الثانية عنها تحقق الترك في حقه ووجب قتله على أحد الأقوال، وسبق بحث ذلك، والله أعلم.

الوجه الثاني:

القول بأن من أخر الصلاة حتى غابت الشمس فإنه يجب قتالهم حتى ولو قضوا تلك الصلاة هذا استدلال في محل النزاع، لا دليل عليه، فالحديث يدل على قتالهم بترك الصلاة، لا بتأخير الصلاة عن وقتها.

الدليل السابع:

القياس على من ترك صيام يوم من رمضان عامدًا، فالصيام عبادة مؤقتة بوقت، فإذا أفطر الصائم بلا عذر فقد أفسد صومه، ووجب عليه القضاء، وإن كان خارج وقت العبادة، وهو قول الأئمة الأربعة، وإنما اختلفوا في وجوب الكفارة، ولم يخالف في ذلك إلا ابن حزم، حيث قال: لا قضاء على من أفطر متعمدًا، وقد نقض ابن حزم قوله حين فرق بين الفطر بالقيء فيجب عليه القضاء، وبين الفطر بغيره فلا يجب القضاء.

قال ابن بطال: «أجمعت الأمة على أن من ترك يومًا من شهر رمضان عامدًا من غير عذر أنه يلزمه قضاؤه، فكذلك الصلاة، ولا فرق بين ذلك» (١).

وقال ابن عبد البر: «أجمعت الأمة، ونقلت الكافة فيمن لم يَصُمْ رمضان عامدًا، وهو مؤمن بفرضه، وإنما تركه أشرًا وبطرًا تعمد ذلك ثم تاب عنه أن عليه قضاءه، فكذلك من ترك الصلاة عامدًا، فالعامد والناسي في القضاء للصلاة والصيام سواء، وإن اختلفا في الإثم، كالجاني على الأموال المتلف لها عامدًا وناسيًا إلا في الإثم .... والصلاة والصيام كلاهما فرض واجب، ودين ثابت يؤدى أبدًا، وإن خرج الوقت المؤجل لهما» (٢).


(١) شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٢٢١).
(٢) الاستذكار، وانظر: تعظيم قدر الصلاة للمروزي (٢/ ١٠١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>