للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وسبب الاختلاف في هذه المسألة يرجع إلى الخلاف في مسألة أصولية، وهي:

إذا أمر الشارع بالفعل في وقت معين، فخرج الوقت، ولم يفعل، أيجب القضاء بأمر جديد ابتداءً، أم يجب بالأمر السابق، بمعنى أنه يستلزمه، لا أنه عينه؟ قولان (١).

وفيه قول ثالث لأبي زيد الدبوسي أن القضاء يجب قياسًا، وليس بأمر جديد.

وجهه: أن الشرع لما عهد منه إيثار استدراك عموم المصالح الفائتة، عُلِمَ بذلك: أنه يؤثر استدراك الواجب الفائت في الزمن الأول، بقضائه في الزمن الثاني (٢).

وعلى القول بأن القضاء يحتاج إلى أمر جديد، أيوجد في المسألة نصوص توجب القضاء، أم لا؟

ويتنازع الخلاف في المسألة قواعد، منها:

القاعدة الأولى:

هل الأمر بالمركب أمر بأجزائه، فالأمر بالصلاة في وقت معين يقتضي الأمر بشيئين: بالصلاة، وأن يكون فعلها في ذلك الوقت، وفوات أحدهما لا يكون فواتًا للآخر، فإذا فات الوقت لا يكون فواتًا للفعل، فيوقعه في أي وقت شاء، فيكون القضاء بالأمر الأول.

القاعدة الثانية:

أن العبادات لا تسقط عن المكلف بفوات شروطها، فالعبادة غاية، والشروط بمنزلة الوسائل، فما يمكن تداركه من الشروط يفعل، وما لا يمكن يسقط، وتبقى العبادة مطلوب فعلها ما قدر على ذلك المكلف.

القاعدة الثالثة: أن الأمر بالفعل في وقت معين لا يكون إلا لمصلحة تختص


(١) ذهب أبو بكر الرازي من الحنفية وفاقًا لجمهور الحنفية، والقاضي أبو يعلى من الحنابلة، والحلواني وابن قدامة إلى أن الأمر بالعبادة يستلزم الأمر بقضائها بعد خروج الوقت من غير احتياج إلى أمر جديد.
وذهب أكثر الأصوليين إلى أن القضاء لا يجب إلا بأمر جديد. انظر: تشنيف المسامع بجمع الجوامع (٢/ ٦٠٩)، العدة في أصول الفقه (١/ ٢٩٣)، روضة الناظر (١/ ٥٧٧)، البرهان في أصول الفقه (١/ ٨٨)، قواطع الأدلة في الأصول (١/ ٩٢)،
(٢) انظر: شرح مختصر الطوفي (٢/ ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>