للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال السيوطي: «لا خلاف أنه يجتهد في أوقات الصلاة؛ لأن مدركها الأوراد والأذكار، وشبهها وهو يشارك البصير في ذلك. ولا خلاف أنه لا يجتهد في القبلة لأن غالب أدلتها بصرية .... لكنه في الوقت مخير بين الاجتهاد والتقليد.

والفرق: أن الاجتهاد في الأوقات، إنما يتأتى بأعمال مستغرقة للوقت، وفي ذلك مشقة ظاهرة» (١).

وقال إمام الحرمين: «يجتهد الأعمى في أوقات الصلوات، وليس له الاجتهاد في القبلة كما حكيناه عن الشافعي .

والفرق بينهما: مثل ما مضى أنه لا يدرك دلائل القبلة مع فقد البصر، وأما دلائل الوقت فمنها ما يستوي فيه البصير والأعمى، ألا ترى أن الرجل إذا أكبَّ على عملٍ يعمله يعتاده ويعرف مقدار عمله كل يوم ما بين طلوع الفجر إلى الزوال فلا يكاد يخفى عليه مفارقة الزوال، وإن لم يطالع الشمس والظل، وذلك مثل أوراق يكتبها، أو قرآن يكتبه؛ فلهذا شرعنا للأعمى أن يجتهد في وقت الصلاة دون القبلة» (٢).

وخالف المالكية الجمهور، فمنعوا أذان الأعمى إذا كان يعتمد عليه في دخول الوقت بالأذان، وفي القبلة قالوا: يتأتى منه الاجتهاد، فلا يجوز عندهم للأعمى المجتهد أن يقلد غيره بل يسأل عن الأدلة ليهتدي بنفسه إلى القبلة (٣).

قال الخرشي: «المجتهد لا يقلد غيره وإن كان أعمى، ولكن يسأل المكلف العارف العدل الرواية عن الأدلة كسؤاله عن القطب في أي جهة، أو عن الكوكب الفلاني» (٤).

والذي أراه أن العميان يختلفون كما يختلف المبصرون، فبعض العميان تجد


(١) الأشباه والنظائر (ص: ٢٥٢).
(٢) الجمع والفرق (١/ ٢٤٦).
(٣) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٢٢٦)، التاج والإكليل (٢/ ١٩٨)، شرح الخرشي (١/ ٢٥٩)، منح الجليل (١/ ٢٣٦)، الشامل في فقه الإمام مالك (١/ ١٠٠)، عقد الجواهر الثمينة (١/ ٩٥)، التوضيح لخليل (١/ ٣٢١)، الشرح الصغير للدردير (١/ ٢٩٥)، عقد الجواهر الثمينة لابن شاس (١/ ٩٥).
(٤) شرح الخرشي (١/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>