للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الباجي معلقًا: «وهذا لعمري من أقوى الأدلة، ومما لا يعارض بأخبار الآحاد؛ لأن الأذان في مسجد رسول الله أمر متصل في وقت كل صلاة» (١).

• وأجيب:

بأن تثنية التكبير والترجيع لم يكن من أذان أهل المدينة، جاء في مسائل ابن هانئ للإمام أحمد، «قيل له: فإن بالمدينة من يؤذن بأذان أبي محذورة كثيرًا فقال: ما كان يؤذن بها إلا أهل مكة، وهذا محدث بالمدينة، فإن فعله إنسان لم أعنفه» (٢).

• حجة من قال: إن شاء كبر أربعًا، وإن شاء كبر مرتين:

صح عن النبي تثنية التكبير وتربيعه، وأن العبادات الواردة على وجوه متنوعة يشرع فعلها على جميع تلك الوجوه، ولا يكره شيء منها؛ إذ تنوع صفة الأذان والإقامة كتنوع صفة الاستفتاح، والقراءات، والتشهدات، ونحو ذلك، كما أ ن المتوضئ بالخيار، إن شاء توضأ مرة مرة، وإن شاء مرتين مرتين، وليس لأحد أن يكره ما سنه رسول الله لأمته، ولأن هجر ما وردت به السنة وملازمة غيره قد يفضي إلى أن يجعل السنة بدعة، والمستحب واجبًا، ويفضي إلى التفرق والاختلاف، فمن تمام السنة أن يفعل هذا تارة، وهذا تارة.

• الراجح:

صح تربيع التكبير من حديث أبي محذورة، جاء مجملًا علمه الأذان تسع عشرة كلمة، وجاء مفصلًا.

وأما تثنية التكبير فإن أصح ما ورد فيه كونه من عمل أهل المدينة زمن التابعين، وإنما تلقاه التابعون عن الصحابة، والعهد قريب، والنقل مثله نقل مستفيض يصلح مثله للاحتجاج، كما نقلوا لنا مقدار الصاع النبوي ونحوه، فجاز عندي الصفتان، والله أعلم.


(١) إحكام الفصول (١/ ٤٩٠)، وانظر البيان والتحصيل (١٧/ ٣٣١).
(٢) مسائل ابن هانئ (١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>