للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وعلى ما قال النووي، ينبغي للمؤذن أن يفرد كل تكبيرة من اللتين في آخره بنفس» (١).

لأنه لو جمع التكبيرتين في آخر الأذان بنفس واحد لكان التكبير في آخره مفردًا، وهذا الاستحسان يحتاج إلى نقل، وإذا لم يثبت النقل فلا حاجة إلى القول به، ويكون المراد الأذان مثنى بالنسبة لغالبه كما يروى في إقامة بلال أنه يوتر الإقامة مع تثنية التكبير في أوله وآخره، وتثنية قد قامت الصلاة.

وجواب آخر:

أن قوله الأذان مثنى لفظ مجمل، وحديث أبي محذورة، بأن النبي علمه الأذان تسع عشرة جملة، وحديث عبد الله بن زيد في تربيع التكبير أحاديث مفصلة، والمفصل مقدم على المجمل، فتحمل التثنية إما على غالب جمل الأذان، وإما على أن التكبيرتين كانتا بنفس واحد.

الدليل الثامن:

الآثار وردت مختلفة، فيها التكبير أربع، وفيها تثنية التكبير، فرجعنا إلى العمل ليفصل هذا الاختلاف، فرأينا أهل المدينة يعمل خلفهم عن سلفهم على التكبير مرتين، ينقله التابعون ممن أدركهم مالك وعاصرهم، عن الصحابة، لا يزيدون عليها، وينقلونه نقلاً متواترًا يقطع العذر، وهم عدد كثير، لا يجوز على مثلهم التواطؤ، ولا يصح على جميعهم النسيان والسهو عما ذكر بالأمس من الأذان، ولا يجوز عليهم ترك الإنكار على من أراد تبديله، أو تغييره، لهذا سقط معه حكم الزائد عن مرتين، ولا يقدم على هذا النقل غيره مما هو آحاد، ولأن كل مسألة طريقها النقل كالأذان والإقامة والصاع والمد ونحوها المعول فيه على نقل أهل المدينة؛ لأن ما نقل نقلًا مستفيضًا أو متواترًا أولى مما نقل آحادًا، والله أعلم (٢).

وناظر مالك بعض من احتج عليه في الأذان بأذان بلال بالكوفة، فقال مالك: ما أدري ما أذان يوم ولا ليلة، هذا مسجد رسول الله يؤذن فيه من عهده إلى اليوم لم يحفظ عن أحد إنكار لهذا الأذان، ولا نسبته إلى التغيير.


(١) فتح الباري، ط: السلفية (٢/ ٨٣).
(٢) انظر المنتقى للباجي (١/ ١٣٤)، شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>