للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وذهب بعض أهل العلم إلى اعتبار صلاة النائم والناسي بعد خروج الوقت أداءً، وليست قضاءً.

واحتج لقوله: بأنهما في وقت النوم والنسيان غير مخاطبين بالأداء، للاتفاق أن النائم والناسي لا يأثمان بترك الصلاة حال النوم والنسيان. فصار الوقت في حقهما هو وقت الاستيقاظ والتذكر.

وتسميته قضاءً ثبت باصطلاح الفقهاء، دون اقتضاء اللغة، فالقضاء والأداء لفظان متواليان على معنًى واحد، يقال: قضيت الدَّيْنَ وأديته، وقضيت الصلاة، وأديتها (١).

وقال تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٠٠].

وقال تعالى: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ﴾ [فصلت: ١٢].

* ونوقش:

بأن القضاء جاء في اصطلاح الشارع، فكان النبي -يسميه قضاء، ويأمر به.

(ح-٣٨١) لما رواه مسلم من طريق عاصم، عن معاذة، قالت:

سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحروريةٌ أنتِ؟ قلت: لست بحرورية، ولكني أسأل. قالت: كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة (٢).

فكانت ألفاظ الشارع المبينة لأحكام الشرع إنما تحمل على موضوعاتها الشرعية الاصطلاحية، والقضاء والأداء في الاصطلاح الشرعي متباينان (٣).

وإن اتسعت اللغة فعبِّر بأحدهما عن الآخر، وكون النائم لا يأثم هذا متعلق بحكم الفعل، لا بوصف الصلاة، أرأيت المصلي حين يؤخر الصلاة إلى اصفرار الشمس فإن صلاته توصف بالأداء، مع أن فعله محرم على الصحيح؟ فالتحريم


(١) انظر شرح أصول البزدوي (١/ ٢٢٣).
(٢) صحيح مسلم (٣٣٥)، ورواه البخاري بنحوه.
(٣) انظر شرح مختصر الروضة للطوفي (١/ ٤٥١، ٤٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>