وأما السبب: فيلزم من وجوده الوجود، ويلزم من عدمه العدم لذاته.
فزوال الشمس جعله الله سببًا لوجوب صلاة الظهر، فإذا زالت الشمس وجبت صلاة الظهر إلا أنه وجوب موسع، فالشارع قال للمكلف: صَلِّ إما في أول الوقت، أو في وسطه، أو في آخره، كالواجب المخير في كفارة اليمين (١).
فلا ينطبق تعريف الشرط على دخول الوقت.
ولأن تكرر السبب يقتضي تكرر المسبب، فكلما زالت الشمس تجدد وجوب الظهر، وكلما تكرر غروب الشمس تجدد وجوب المغرب، ولا يلزم من تكرر المشروط تكرر الشرط، فتكرر الصلاة لا يستدعي تكرر الطهارة.
الدليل الثاني:
النائم إذا دخل عليه وقت الصلاة وجبت عليه الصلاة؛ فدخول الوقت سبب وجوب الصلاة، والاستيقاظ شرط للأداء، لا للوجوب،
فسبب الوجوب الذي هو دخول الوقت ليس من أحكام التكليف، بل من أحكام الوضع، فالشارع جعل الزوال سببًا للوجوب، وليس هذا من عمل المكلف، ولا داخل تحت التكليف.
والنائم، وإن وجبت عليه الصلاة في ذمته إلا أن الاستيقاظ شرط للفعل، فإذا استيقظ، فإن كان فعله في الوقت كانت أداءً، وإن استيقظ بعد خروج الوقت كان فعله قضاءً؛ ولو لم تكن الصلاة واجبة على النائم لما وجب عليه القضاء إذا دخل عليه الوقت وخرج، وهو نائم.
الدليل الثالث:
أن العبادة لا يصح تقديمها على سببها، فلا يصح تقديم الصلاة على الوقت، ولا صيام رمضان قبل رؤية هلاله، أو إكمال شعبان ثلاثين يومًا.
ويصح تقديم العبادة إذا وجد سببها على شرط وجوبها على الصحيح، فيصح تقديم الطهارة قبل دخول الوقت؛ وإن كانت لا تجب إلا عند الصلاة؛ لأن الطهارة ليست سببًا في وجوب الصلاة، وإنما هي شرط لوجوب أدائها.