وأما المالكية والشافعية: فيسقطون القضاء في حالتي الإغماء وزوال العقل بمباح، ويجب القضاء إذا زال بمحرم.
وأما الحنابلة فيوجبون القضاء مطلقًا، سواء أكان بإغماءٍ، أم بدواءٍ مُباحٍ، أم بمحرمٍ.
وعكس مذهب الحنابلة ما اختاره ابن تيمية وأبو ثور: فهما يسقطان القضاء مطلقًا حتى ولو كان بمحرم.
فالذي أراه أن قول ابن تيمية أقيس، وقول الجمهور أحوط، فإن ثبت القول عن أبي ثور فإن الباحث قد يذهب إليه؛ لتقدمه، إلا أنني أخاف أن من نسب هذا القول لأبي ثور لم يكن دقيقًا، وأن يكون أخذه من قول أبي ثور في طلاق السكران، وهو مشهور عنه في كتب الشافعية، وأنه رأي له لم يأخذه من قول الشافعي في القديم (١).
ولا يلزم من القول بأن طلاقه لا يقع وقت السكر أن يذهب إلى أنه لا يقضي الصلاة إذا ذهب عنه السكر، وأصحاب الشافعي وهم أعلم بمذهب أبي ثور لم ينسبوا له في قضاء الصلاة قولًا، ونقلوا عنه نقلًا مستفيضًا القول بأن طلاق السكران لا يقع، والخلاف في طلاق السكران قديم من لدن الصحابة ﵃، وإذا لم يثبت القول عن أبي ثور فلا أحب أن أختار قولًا لا أعلم أحدًا قال به إلا ابن تيمية في القرن السابع الهجري، فالسواد من الأمة أولى بالاتباع، وهم أحرى بإصابة الحق إن شاء الله تعالى، والله أعلم.