للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لأنه إنما ترك الجماعة من أجل العذر.

ثم إن هذا الكلام متوجه في حق رجل لا يشق عليه المشي إلى الصلاة، فإذا جاء إلى المسجد كان فيه بعض القوة ليصلي بعض الصلاة قائمًا وبعضها جالسًا، أما إذا كان المشي إلى المسجد يشق عليه حتى يتسبب له في افتتاح الصلاة قاعدًا خلف الإمام لا يتوجه له القول بالجمع بين القيام والجلوس في الصلاة، فيصلي في البيت قائمًا أولى من صلاته في المسجد جالسًا.

جاء في الذخيرة للقرافي: «قد رأينا من يطيق المشي، ولا يطيق القيام، فيصلي هذا جالسًا، فإن كان يطيقه إلا أن الإمام يطول صلى وحده؛ لأن القيام فرض والجماعة سنة» (١).

فجعل القرافي المرضى على قسمين:

أحدهما: لا يشق عليه المشي، ويشق عليه القيام، فهذا يصلي جماعة جالسًا؛ لأنه إن صلى في البيت أو صلى في المسجد سوف يصلي جالسًا.

والثاني: رجل يطيق القيام إلا أن الإمام يطول حتى يشق عليه القيام، فيضطر إلى الصلاة جالسًا، فهذا عند الإمام القرافي يصلى وحده.

الدليل الرابع:

الأجر يتضاعف بالجماعة أكثر من تضاعفه بالقيام: فصلاة القاعد على النصف من صلاة القائم.

وصلاة الجماعة: تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، وفي رواية بخمس وعشرين درجة، فكانت المضاعفة بالجماعة أكثر.

ويناقش من أكثر من وجه:

الوجه الأول:

القيام فرض بالإجماع، وما تقرب العبد إلى الله بشيء أحب إليه مما افترضه عليه، بخلاف الجماعة، وقد تقدم لك في أدلة القول الأول وجوه ترجيح القيام.


(١) الذخيرة للقرافي (٢/ ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>