للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وكأن هذا القول يرى أن المصلي إذا عجز عن أفعال الصلاة سقطت عنه، ولا عبرة بقدرته على الأقوال ولا بقدرته على النية.

وقيل: إذا عجز عن الإيماء برأسه أومأ بطرفه ونوى بقلبه، ولا تسقط الصلاة عنه ما دام عقله ثابتًا، وهو مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة، وبه قال زفر والحسن بن زياد من الحنفية (١).


(١) إذا عجز عن الإيماء برأسه، فقال أصحاب مالك: بأنه لا نص فيه يعني في الجملة.
قال ابن ناجي في شرحه على الرسالة (١/ ٢٠٨): «والذي عولنا عليه في المذاكرات موافقة مذهب الشافعي، مع العجز عن نص يقتضيه المذهب».
وقد أخذ المالكية بقول المازري وابن بشير، فنص المازري على الصلاة إيماء بطرفه، فقال المازري كما في شرح التلقين (٢/ ٨٦٥): «إذا لم يستطع المريض أن يومئ برأسه للركوع والسجود، فهل يومئ بطرْفه وحاجبه، ويكون مصليًا بهذا الفعل مع النية للصلاة؟ مقتضى المذهب فيما يظهر لي أنه يؤمر بذلك، ويكون مصليًا به».
ونقل هذا خليل في التوضيح معتمدًا له (١/ ٣٥١).
ونص ابن بشير على الصلاة بقلبه، جاء في التاج والإكليل (٢/ ٢٧١): «إن عجز عن جميع الحركات، ولم يبق له سوى النية بالقلب فلا نص فيها في المذهب، والاحتياط فيها مذهب الشافعي: أن عليه القصد إلى الصلاة بقلبه؛ لأن روح الصلاة القصد، ومقصودها حالة تحصل للقلب».
ومجموع قولي المازري وابن بشير هما مقتضى المذهب، وهو ما أخذ به أصحاب مالك، ويقدم الإيماء بالطرف على الأصبع؛ لأن العين والحاجب قريبان من الرأس الذي هو محل السجود، والله أعلم.
جاء في مختصر خليل (ص: ٣٤): «وإن لم يقدر إلا على نية، أو مع إيماء بطرف، فقال وغيره -يعني: المازري وابن بشير-: لا نص، ومقتضى المذهب الوجوب».
فتكلم المازري على من يقدر على النية مع الإيماء بالطرف، وتكلم ابن بشير على الذي لا يقدر إلا على النية.
وقال الرملي الشافعي في نهاية المحتاج (١/ ٤٧٠): «فإن عجز عن الإيماء برأسه فبطرفه: أي بصره ومن لازمه الإيماء بجفنه وحاجبه، وظاهر كلامهم: أنه لا يجب هنا إيماء للسجود أخفض، وهو متجه خلافًا للجوجري؛ لظهور التمييز بينهما في الإيماء بالرأس دون الطرف، ثم إن عجز عن الإيماء بطرفه صلى بقلبه، بأن يجري أركانها وسننها على قلبه قولية كانت أو
فعلية إن عجز عن النطق أيضًا بأن يمثل نفسه قائمًا وقارئًا وراكعًا؛ لأنه الممكن».
وانظر: شرح زروق على الرسالة (١/ ٣٤٢)، جواهر الدرر (٢/ ١٦٥)، شرح الزرقاني على خليل (١/ ٣٩٦)، الثمر الداني (ص: ٢٠٦)، تحبير المختصر (١/ ٣٢٦)، شرح ابن ناجي على الرسالة (١/ ٢٠٨)، شرح الخرشي (١/ ٢٩٩)، حاشية الدسوقي (١/ ٢٦١)، ضوء الشموع شرح المجموع (١/ ٣٧٤).
وانظر في مذهب الشافعية: نهاية المطلب (٢/ ٢١٨)، فتح العزيز (١/ ٤٨٥)، المجموع (٤/ ٣١٧)، تحرير الفتاوى (١/ ٢٤٢)، أسنى المطالب (١/ ١٤٨)، تحفة المحتاج (٢/ ٢٦)، مغني المحتاج (١/ ٣٥١).
وانظر في مذهب الحنابلة: التعليقة الكبرى لأبي يعلى (٢/ ٣٠٦)، المغني (٢/ ١٠٩)، المبدع (٢/ ١٠٩)، منتهى الإرادات (١/ ٢٨٨)، الإقناع (١/ ١٧٧).
وانظر قول زفر والحسن بن زياد في: المبسوط (١/ ٢١٧)، تحفة الفقهاء (١/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>