للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وليست قضاءً؛ لأنهما في وقت النوم والنسيان غير مخاطبين بالأداء، للاتفاق أن النائم والناسي لا يأثمان بترك الصلاة حال النوم والنسيان، فصار الوقت في حقهما هو وقت الاستيقاظ والتذكر، وتسميته قضاءً ثبت باصطلاح الفقهاء، دون اقتضاء اللغة، فالقضاء والأداء لفظان متواليان على معنًى واحد، يقال: قضيت الدَّيْنَ وأديته، وقضيت الصلاة، وأديتها (١).

* ونوقش:

بأن القضاء جاء في اصطلاح الشارع أيضًا، فكان النبي -يسميه قضاء، ويأمر به،

(ح-٣٧٩) لما رواه مسلم من طريق عاصم، عن معاذة، قالت:

سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحروريةٌ أنتِ؟ قلت: لست بحرورية، ولكني أسأل. قالت: كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة (٢).

وإن كان القضاء في اللغة قد يطلق على ما هو أعم من اصطلاح الفقهاء (٣).

* الراجح:

أن صلاة النائم بعد خروج الوقت إن كانت تعتبر فرضًا مبتدأ فيصح أن يقال: إنه غير مكلف وقت النوم والنسيان.

وإن كان ما يفعله هو قضاء لتلك الصلاة التي مر عليه وقتها، وهو نائم، فهذا دليل على تكليفه؛ لأن وجوب القضاء فرع عن تعلق الوجوب في الذمة وقت الأداء؛ لأن الصلاة إذا لم تجب في الوقت لم يجب قضاؤها بعد خروجه، فالإجماع منعقد على أن من حدثت له الأهلية بعد خروج الوقت بإسلام أو بلوغ، أو طهارة من حيض لا يجب عليهم القضاء؛ لعدم الوجوب في الوقت، فلما وجب على النائم القضاء إجماعًا دل على أن الصلاة عليه واجبة، وهذا معنى التكليف، سواء اعتبرنا هذا القضاء وجب بأمر جديد، أو بالخطاب السابق، فالشرع لم يعتبر النوم والنسيان


(١) انظر شرح أصول البزدوي (١/ ٢٢٣).
(٢) صحيح مسلم (٣٣٥)، ورواه البخاري بنحوه.
(٣) انظر شرح مختصر الروضة للطوفي (١/ ٤٥١، ٤٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>