للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتوسط بعض الأصوليين، فقال: عدم النوم والنسيان شرط في الأداء، لا في الوجوب (١).

وسبب الاختلاف في هذه المسألة يرجع إلى الخلاف في مسألة أصولية، وهي:

إذا أمر الشارع بالفعل في وقت معين، فخرج الوقت، ولم يفعل، أيجب القضاء بأمر جديد ابتداءً، أم يجب بالأمر السابق، بمعنى أنه يستلزمه، لا أنه عينه؟ قولان (٢).

قال النووي في شرح مسلم: «قوله : إنه ليس في النوم تفريط، فيه دليل لما أجمع عليه العلماء أن النائم ليس بمكلف، وإنما يجب عليه قضاء الصلاة ونحوها بأمر جديد، هذا هو المذهب الصحيح المختار عند أصحاب الفقه والأصول، ومنهم من قال: يجب القضاء بالخطاب السابق، وهذا القائل يوافق على أنه في حال النوم غير مكلف» (٣).

وقال بعضهم: بأن القضاء وجب بانعقاد سبب الوجوب، فلا يؤمر بقضاء عبادة إلا إذا تقدم سبب وجوبها، وهو أهلية التكليف، سواء أقارنه مانع من ترتب الحكم عليه، أم لا، بخلاف الصغير والمجنون فلا يقضي لأن سبب الوجوب لم يوجد في حقهما، وكذلك الحائض لا تقضي لأن سقوط الصلاة في حقها عزيمة، فليست من أهل الصلاة، فلم يوجد سبب الوجوب، والله أعلم (٤).

وذهب بعضهم إلى اعتبار صلاة النائم والناسي بعد خروج الوقت أداءً،


(١) فصول البدائع في فصول الشرائع (١/ ٣٢٢).
(٢) ذهب أبو بكر الرازي من الحنفية وفاقًا لجمهور الحنفية، والقاضي أبو يعلى من الحنابلة، والحلواني وابن قدامة إلى أن الأمر بالعبادة يستلزم الأمر بقضائها بعد خروج الوقت من غير احتياج إلى أمر جديد.
وذهب أكثر الأصوليين إلى أن القضاء لا يجب إلا بأمر جديد. انظر كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (١/ ٢٢٣)، تشنيف المسامع بجمع الجوامع (٢/ ٦٠٩)، العدة في أصول الفقه (١/ ٢٩٣)، روضة الناظر (١/ ٥٧٧)، البرهان في أصول الفقه (١/ ٨٨)، قواطع الأدلة في الأصول (١/ ٩٢).
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم (٥/ ١٨٦).
(٤) انظر الإبهاج في شرح المنهاج (١/ ٧٧، ٧٨)، المنثور في القواعد الفقهية (٣/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>