للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

سنة أو أثر صحيح.

قال أنس: أقام النبي بمكة عشرًا يقصر الصلاة، فجعل إقامة النبي حول مكة في حكم الإقامة فيها، وكذلك نقل نافع عن ابن عمر موقوفًا عليه، ولا يعلم لهما مخالف من الصحابة، والله أعلم.

[م-١١٣٤] إذا عزم المسافر على الإقامة مدة معلومة في أثناء سفره، فهل يعطى حكم المقيم أو يعطى حكم المسافر؟

اختلف الفقهاء في هذه المسألة:

فقيل: لا ينقطع سفره مطلقًا حتى يرجع إلى أهله، أو ينوي الاستيطان، حكاه الإمام إسحاق عن الأقلين من أهل العلم، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم (١).

وكيف نسب إسحاق هذا القول للأقلين من أهل العلم، وهو نفسه يقول: «وأكثر أصحاب النبي والتابعين على أنهم كانوا يقيمون في أسفارهم الأشهر والسنة والسنتين لا يصلون إلا ركعتين» (٢).


(١) نقل ابن المنذر في كتابه الأوسط (٤/ ٣٥٨) عن الإمام إسحاق أنه قال: «وقد قال آخرون: وهم الأقلون من أهل العلم: صلاة المسافر ما لم ترجع إلى أهلك، إلا أن تقيم ببلدة لك بها أهل ومال فإنها تكون كوطنك، ولا ينظرون في ذلك إلى إقامة أربعٍ، ولا خمس عشرة، قال: ومما احتجوا لأنفسهم في ذلك ما سئل ابن عباس عن تقصير الصلاة، فقال: كان النبي إذا خرج من المدينة صلى ركعتين ركعتين حتى يرجع».
وجاء في الفروع (٣/ ٩٥): «واختار شيخنا وغيره: القصر والفطر، وأنه مسافر ما لم يجمع على إقامة ويستوطن كإقامته لقضاء حاجة لا نية إقامة». اه
وجاء في الإنصاف (٢/ ٣٣٠): «وقال الشيخ تقي الدين وغيره: إن له القصر والفطر، وإنه مسافر، ما لم يجمع على إقامة ويستوطن».
هذا هو اختيار شيخ الإسلام، وليس الرد إلى العرف.
وانظر قول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: (٢٤/ ١٨، ١٣٧، ١٤٠)، الاختيارات للبعلي (ص: ١١٠، ١١١)، الاختيارات لشيخ الإسلام لدى تلاميذه (١/ ٢١٨).
وانظر قول ابن القيم في: زاد المعاد، ط: عطاءات العلم (٣/ ٧٠٨).
(٢) مسائل الإمام أحمد وإسحاق رواية الكوسج (٢/ ٨٩٣).
وقد جاء هذا القول عن جماعة من الصحابة، منهم: أنس، وعبد الرحمن بن سمرة، وسعد بن
أبي وقاص، وابن مسعود، وإحدى الروايتين عن ابن عباس وابن عمر. وسوف أخرج هذه الأقوال في الأدلة إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>