للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بتبوك هذه المدة حكاية فعل لا ينفي جواز القصر فيما زاد عليها. فمن أين لنا أن النبي لو زاد عليها يومًا سيمتنع من القصر، والأصل أن اليوم الحادي والعشرين كاليوم العشرين، وقد ثبت السفر بيقين فلا يرتفع إلا بيقين.

وأجيب على هذا:

قال الشوكاني: «لا شك أن قصره في تلك المدة لا ينفي القصر فيما زاد عليها، ولكن ملاحظة الأصل المذكور هي القاضية بذلك» (١).

يقصد أن الأصل في المقيم الإتمام إلا ما ورد فيه النص من قصره في مكة وتبوك، ولم يصح أنه قصر في الإقامة أكثر من ذلك فيقتصر على هذا المقدار.

ورد على هذا الجواب:

من قال: إن الأصل في المقيم المسافر الإتمام، فالسنة فرقت بين المقيم في بلده وبين المقيم في أثناء السفر، ومن سوى بينهما فقد خالف السنة المرفوعة، وخالف ما عليه أكثر الصحابة.

الدليل الثالث:

(ح-٣٤٩٣) روى البخاري من طريق أبي شهاب، عن عاصم، عن عكرمة،

عن ابن عباس قال: أقمنا مع النبي في سفر تسع عشرة نقصر الصلاة. وقال ابن عباس: ونحن نقصر ما بيننا وبين تسع عشرة، فإذا زدنا أتممنا (٢).

وهذه الرواية محمولة على أن الراوي عدَّ يوم الدخول، ولم يعد يوم الخروج، أو العكس.

قال ابن حجر: «وجه الدلالة من حديث ابن عباس لما كان الأصل في المقيم الإتمام فلما لم يجيء عنه أنه أقام في حال السفر أكثر من تلك المدة جعلها غاية للقصر» (٣).

ويجاب عن حديث ابن عباس بما أجيب به حديث جابر .


(١) نيل الأوطار (٣/ ٢٥١).
(٢) صحيح البخاري (٤٢٩٩).
(٣) فتح الباري (٢/ ٥٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>