فإذا ذكر صلاة سفر في حضر فقد وجبت عليه الصلاة ساعة تذكرها، وقد خوطب بها، وهو في الحضر، فوجب عليه الإتمام.
(ح-٣٤٨٠) فقد روى البخاري من طريق همام، عن قتادة،
عن أنس بن مالك، عن النبي ﷺ قال: من نسي صلاة فلْيُصَلِّ إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤].
ورواه مسلم من طريق سعيد بن أبي عروبة، والمثنى بن سعيد، عن قتادة به، بلفظ: من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها. هذا لفظ سعيد.
ولفظ المثنى: إذا رقد أحدكم عن الصلاة، أو غفل عنها فليُصَلِّها إذا ذكرها، فإن الله يقول: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤](١).
ونوقش:
لا نسلم أن الناسي غير مكلف، فالناسي غير مخاطب بالأداء وقت النسيان، وأما أهلية التكليف فباقية؛ لأن وجوب القضاء فرع عن تعلق الوجوب في الذمة وقت الأداء؛ لأن الصلاة إذا لم تجب في الوقت لم يجب قضاؤها بعد خروجه، فالإجماع منعقد على أن من حدثت له الأهلية بعد خروج الوقت بإسلام أو بلوغ، أو طهارة من حيض لا يجب عليهم القضاء؛ لعدم الوجوب في الوقت، فلما وجب على النائم القضاء إجماعًا دل على أن الصلاة عليه واجبة، وهذا معنى التكليف، سواء اعتبرنا هذا القضاء واجبًا بأمر جديد، أو بالخطاب السابق، فالشرع لم يعتبر النوم والنسيان بمنزلة الجنون، وإنما سقط الأداء عن النائم والناسي لتعذره حال النوم والنسيان، فإذا زال العذر قضى تلك الصلاة، وقضاء الصلاة لا يعني إلا التكليف وقت النوم والنسيان، فمناط التكليف العقل، والنوم والنسيان لا يرفعانه، فلا يوصف النائم بأنه غير عاقل، ولا الناسي كذلك، بخلاف المجنون، فإنه فاقد للعقل، لهذا لم يجب عليه القضاء إذا عاد إليه عقله بعد خروج الوقت، يوضح ذلك أكثر صحة