للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدليل الرابع:

أن الإقامة تحصل بالنية، فإذا نوى الإقامة صار مقيمًا، فكذلك إذا نوى السفر صار مسافرًا.

وأجيب عن ذلك بوجهين:

الوجه الأول:

أن المسافر لا يكون مقيمًا بمجرد النية، بل كان معها الفعل الملائم لها، وهو اللبث والاستقرار، ولذلك قال الشافعية: لو نوى الإقامة في السفر، وهو سائر لم يؤثر؛ لأن سيره يكذب نيته (١).

وحكاه النووي إجماعًا، قال: «وإذا نواها -أي: الإقامة- وهو سائر، فلا يصير مقيمًا بلا خلاف» (٢).

الوجه الثاني:

أن المسافر إذا وصل إلى وطنه صار مقيمًا، ولو لم ينو الإقامة، ولا يصير المسافر مسافرًا بالنية وحدها، وهو بالبلد حتى يقرن النية بالفعل، ويفارق العمران.

دليل من قال: إذا جاوز حيطان بيته فله القصر:

السفر فعل بنية الضرب في الأرض، فإذا شرع في الفعل مفارقًا منزله فقد شرع في السفر فله الترخص.

الراجح:

أن الرجل لا يحق له الترخص حتى يسافر، ولا يسافر حتى يفارق بلده، فما زال في البلد فهو في حكم الإقامة حتى يفارق عامر القرية، والله أعلم.


(١) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ٣٩).
(٢) المجموع (٤/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>