للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ويجاب:

تفرد به محمد بن كعب، عن أنس، وهو وإن كان ثقة، إلا أنه مقلٌّ عن أنس، وصل إلينا من أحاديثه عن أنس خمسة أحاديث، وأين أصحاب أنس، المكثرين عنه عن مثل هذا الحديث كثابت، والزهري وقتادة، وعبد العزيز بن صهيب، وحميد، وغيرهم، وهذا الحديث أصل في الباب، لا يقبل مثله، والله أعلم، ولعل هذا ما جعل الترمذي يقول عن الحديث: هذا حديث حسن. اه والحسن عند الترمذي هو الحديث الضعيف الذي جاء من أكثر من وجه.

ولعل ما جعل الترمذي يضعفه كونه مخالفًا لأحاديث القصر، فلم يثبت أن النبي قصر، وهو مقيم؛ لمجرد العزم على السفر، فقد ثبت من حديث أنس أنه صلى الظهر أربعًا، وهو على أهبة السفر للحج، وصلى العصر في ذي الحليفة ركعتين في طريقه إلى مكة للحج، وهذا الحديث متفق عليه، وصح عن ابن عمر وعلي بن أبي طالب وغيرهما أنهم لا يقصرون حتى يتجاوزا عمران القرية، فهو أصح من حديث الفطر في رمضان قبل السفر، والقصر من سنن السفر الملازمة للسفر، لم يتركه النبي قط في أسفاره بخلاف الفطر فهو رخصة، والصيام أفضل إلا لمن شق عليه، فكون النبي لم ينقل أنه قصر حتى فارق العمران، فهذا دليل على أنه لا يشرع، وإذا لم يشرع القصر لم يشرع الفطر من باب أولى.

وقد حاول إسحاق أن يفرق بين القصر والفطر، فأجاز الفطر إذا تأهب للسفر ومنع من القصر، وإذا امتنع القصر؛ لأنه ليس مسافرًا، امتنع الفطر للعلة نفسها.

جاء في سنن الترمذي: «وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث، وقالوا: للمسافر أن يفطر في بيته قبل أن يخرج، وليس له أن يقصر الصلاة حتى يخرج من جدار المدينة أو القرية، وهو قول إسحاق بن إبراهيم الحنظلي» (١).


(١) سنن الترمذي (٣/ ١٥٤)، وانظر: مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج (٦٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>