للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تعريف السفر شرعًا (١):

السفر شرعًا: هو خروج الإنسان من عامر إقامته خروجًا مؤقتًا قاصدًا مكانًا يبعد مسافة يصح فيها قصر الصلاة ثم الرجوع إليه.

تضمن التعريف قيودًا معتبرة في السفر:

وقد اخترت كلمة (شرعًا) بدلًا من كلمة اصطلاحًا؛ لأن السفر الشرعي لا يستفاد من اللغة، فالسفر في اللغة: قطع المسافة، والسفور: هو الظهور، قال تعالى: ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ﴾. أي: ظهر، ومجرد الظهور من عامر القرية لا يعد سفرًا؛ لأن النبي كان يخرج إلى قباء، ولم يكن يقصر الصلاة، فواضح أن الشرع جعل خروجًا خاصًّا إذا تحقق صدق عليه أنه مسافر، وكان له أن يترخص بأحكام السفر، وليس مطلق الخروج، وما دام أن هذا متلقى من الشرع، وأن هناك فرقًا بين السفر لغة والسفر شرعًا، فيكون السفر له حقيقة شرعية.

وسوف أعقد فصلًا خاصًّا إن شاء الله تعالى في بيان المسافة التي يصدق عليها شرعًا أنها سفر، وإنما المبحث هنا معقود لتعريف السفر.

وقولي: (أن يكون الخروج مؤقتًا)، هذا القيد احترازًا من مسألتين:

الأولى: أن المسافر لو نوى إقامة دائمة في محل سفره انقطع سفره بالإجماع، والنية كافية لقطع السفر، ولا يحتاج عملًا إلا أن يقطع النية في مكان لا يصلح للإقامة؛ كما لو نوى الإقامة وهو في عمق البحر، أو كان في مفازة، فلا تكفي النية لقطع السفر.

المسألة الثانية: لو نوى إقامة طويلة ثم العودة إلى بلده، فهل ينقطع سفره حكمًا، أو يبقى مسافرًا حتى يرجع؟ هذه المسألة اختلف فيها الفقهاء:

فمنهم من يعده مسافرًا حتى يرجع ما دام أنه لم يعزم على إقامة دائمة، فليس


(١) جاء في لسان العرب (٤/ ٣٦٨): «وَيُقَالُ: سَفَرْتُ أَسْفُرُ سُفُورًا خَرَجَتُ إِلى السَّفَر فأَنا سَافِرٌ وَقَوْمٌ سَفْرٌ، مِثْلَ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ، وسُفَّار مِثْلَ رَاكِبٍ وركَّاب، وَسَافَرْتُ إِلى بَلَدِ كَذَا مُسافَرَة وسِفارًا».
جاء في تهذيب اللغة (١٢/ ٢٧٩): «وسمّي الْمُسَافِر مُسَافِرًا لكشفِه قِناعَ الكِنِّ عَنْ وَجهه ومنازل الْحَضَر عَنْ مَكَانَهِ ومنزل الْخَفْض عَنْ نَفسه، وبرُوزِه إِلَى الأَرْض الفضاء. وسُمِّيَ السَّفَر سفَرًا؛ لأَنَّهُ يُسْفِر عَنْ وُجُوه الْمُسَافِرين وأخلاقِهِمْ فيَظْهِر مَا كَانَ خافيًا مِنْهَا».

<<  <  ج: ص:  >  >>