للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقيل: يجوز الجمع للحاجة، ونسب هذا القول لجماعة، منهم: ابن سيرين، وربيعة الرأي، وأشهب من المالكية، وابن شبرمة قاضي الكوفة، وسعيد بن المسيب، وحكاه القفال عن أبي إسحاق المروزي، ونسب رواية عن الإمام أحمد، ونافح عنه شيخ الإسلام ابن تيمية، وإمامهم ابن عباس حيث جمع لإكمال الخطبة (١).

وتعالوا ننظر من يثبت عنه صحة هذا القول:

الأول: الإمام محمد بن سيرين، والمتوفى سنة (١١٠ هـ)، روي عنه في الجمع ثلاث روايات،

الرواية الأولى: جواز الجمع بلا سبب، بشرط ألا يتخذ عادة (٢).

وهذا القول أول من نسبه لابن سيرين بلا إسناد -بحسب علمي- ابن المنذر في الأوسط (والمتوفى سنة: ٣١٩)، وبين وفاتيهما أكثر من مائتي سنة.

ومن بعد ابن المنذر نسبه ابن بطال في شرح البخاري (والمتوفى سنة ٤٤٩)، ثم ابن عبد البر (المتوفى: سنة (٤٦٣)، وبين وفاتيهما ووفاة ابن سيرين قريب من (٣٥٠) سنة، ثم تتابع بعد ذلك النقلة عنهم، ونحن أمة إسناد، فما لم نقف على سنده لابن سيرين يبقى القول عنه معلقًا، وقابلًا للطعن في صحة نسبته لابن سيرين، خاصة مع الاختلاف في النقل عن ابن سيرين.

ويحتمل أن القول المنسوب لابن سيرين على فرض ثبوته عنه ليس القول بجواز الجمع بلا سبب، وإنما جواز الجمع للحاجة، فلما كان الجمع للحاجة لا يراه أكثر الفقهاء عذرًا للجمع عُدَّ ذلك من الجمع بلا سبب، هذا هو التفسير المعقول لاختلاف النقل.

الرواية الثانية: عن الإمام ابن سيرين أن الجمع لا يجوز إلا في عرفة ومزدلفة، وهذه الرواية صحيحة مسندة عن ابن سيرين.


(١) سيأتي العزو عن كل واحد من هؤلاء من خلال تحري ثبوت النقل عنه.
(٢) انظر: الأوسط (٢/ ٤٢٣، ٤٣٣)، الإشراف على مذاهب العلماء (١/ ٤١٥، ٤١٧)، شرح البخاري لابن بطال (٣/ ٩٥) و (٢/ ١٧٠)، التمهيد، ت: بشار (٨/ ٦٠)، المنتقى للباجي (١/ ٢٥٥). فتح الباري لابن رجب (٤/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>