للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الظهرين فدلالته على الظهرين من قبيل الخاص، ولو كان اللفظ ورد عامًا وكان دخول الظهرين مظنونًا جاز القول بالتخصيص، أما إذا نص على الظهرين ثم رددنا هذا بالقياس، فيكون من رد النص بالرأي.

الجواب الثاني:

يمكن أن يقال: إن الإمام مالكًا ظن أنه في المطر على سبيل الاحتمال؛ وإذ لم يكن المطر منصوصًا على أنه سبب الجمع، فلا يمنع من معارضته بما هو أقوى منه ولذلك خالفه الإمام مالك بالقياس وبالعمل، فأهل المدينة ما كانوا يجمعون بين الظهرين للمطر.

فالإمام أحمد في رواية قدم أحاديث المواقيت على حديث ابن عباس، وفي رواية أخرى: حمله على الجمع الصوري، وفي رواية ثالثة حمله على المريض والمرضع، وكل واحد منها ينفي الاحتمال الآخر، ولكن ما سبيله الاحتمال لا يمنع من احتمال غيره؛ فليس الأمر كالمنصوص عليه، فلو أنه نص على المطر ما كان للإمام مالك أن يعارضه بالقياس.

الجواب الثالث:

وأجاب ابن اللباد بما معناه: أنه لم يصف عبد الله بن عباس صفة الجمع، وفي أي وقت جمع؛ لأنه لا يجوز لنا تأخير ما عجل رسول الله ، ولا تعجيل ما أخر، فإذا لم يعرف الإمام مالك صفة الجمع كيف هو، توقف عن استعمال الخبر في الظهرين، وكان الأخذ بحديث المواقيت أولى، وقلنا بالعشاءين لفعل ابن عمر: (أنه كان إذا جمع الأمراء جمع معهم)، وغير ابن عمر مع ابن عمر يجمع معهم بالمدينة، وهى دار رسول الله، ، وموضع هجرته وهجرة أصحابه، ، يقوم مقام الإجماع بالمدينة، فاتبع ما رواه عنهم؛ إذ وجده منصوصًا في الحديث عنهم في المغرب والعشاء، وأدرك العمل عليه قائمًا كما أدرك العمل في الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء قائمًا، معمولًا به في السفر، فأخذ به (١).

فهذا الجواب يؤول إلى عمل الإمام أحمد، وهو تقديم أحاديث المواقيت


(١) انظر: الرد على الشافعي لابن اللباد (ص: ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>