للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فالعلماء متفقون على أن الإقامة تقطع حكم السفر، فليس له أن يجمع ولا يقصر (١).

واختلفوا في الرجل يدخل عليه الوقت، وهو مقيم، ثم يسافر في أثناء الوقت، فهل له أن يترخص برخص السفر، كالقصر عند الحنفية، أو القصر والجمع عند الجمهور؟

الخلاف في هذه المسألة راجع إلى الاختلاف: متى تجب الصلاة على المكلف؟

فمن قال: تجب الصلاة في آخر الوقت، وهو قول أكثر العراقيين من الحنفية (٢).

أو قال: الوجوب يتعلق بزمن يسع فعل العبادة إلا أنه غير معين، وإنما يتعين الوجوب إما بالأداء، أو بأن يضيق الوقت. وهو ما عليه جمهور الحنفية، ورجحه ابن رشد من المالكية، وقال الباجي: «هذا هو الذي يجري على أصول المالكية، ورجحه ابن العربي» (٣).

أو قال: الوجوب يتعلق بجميع الوقت، وعليه جمهور المالكية (٤)، فهؤلاء لا يمنعون من الترخص برخص السفر، فإذا سافر بعد دخول الوقت فله أن يقصر الصلاة عند الحنفية، وله أن يقصر ويجمع عند المالكية، وهو رواية عن أحمد، وحكاه ابن المنذر إجماعًا (٥).

قال في الجوهرة النيرة على مختصر القدوري: «ولو سافر في آخر الوقت يقصر عندنا وإن لم يبق من الوقت إلا مقدار التحريمة» (٦).

وقال القاضي عبد الوهاب المالكي: «إذا دخل وقت الصلاة وهو مقيم متمكن


(١) البحر الرائق (٢/ ١٤٩)، التجريد للقدوري (٢/ ٨٩٠)، المنتقى للباجي (١/ ٢٣).
(٢) أصول السرخسي (١/ ٣١).
(٣) ميزان الأصول للسمرقندي (المختصر) (ص: ٢١٧)، وانظر شرح أصول البزدوي (١/ ٢١٩)، النكت شرح زيادات الزيادات للسرخسي (ص: ١٧٩)، المسالك في شرح موطأ مالك (١/ ٣٨١)، شرح التلقين (١/ ٣٧٧)، المقدمات الممهدات (١/ ١٥٢).
(٤) المقدمات الممهدات (١/ ١٥٢)، شرح التلقين (١/ ٣٧٧).
(٥) انظر في مذهب الحنفية: المبسوط (١/ ٢٣٨)، بدائع الصنائع (١/ ٩٥، ٩٦)، المحيط البرهاني (٢/ ٤٠)، الاختيار (١/ ٨٠)، مجمع الأنهر (١/ ١٦٤)، الهداية (١/ ٨١)، المغني لابن قدامة (٢/ ٢٠٩)، الفروع (٣/ ٩٢)، الإنصاف (٢/ ٣٢٢).
(٦) الجوهرة النيرة (١/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>