للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تختص بالسفر كقصر الصلاة، وأما الرخصة التي تكون فيه وفي الحضر كالجمع والمسح على الخفين فلا أثر للعصيان بالسفر فيها.

السفر الذي هو مناط الجمع ليس معصية بعينه، وإنما الموصوف بالمعصية هو العاصي نفسه، فصار الشأن كمسح الخف المغصوب، والصلاة في الدار المغصوبة.

[م-١٠٨٦] هناك فرق بين العاصي بسفره، والعاصي فيه.

فالعاصي في سفره: كل سفر يكون الباعث عليه أمرًا مباحًا، فيقع المسافر في معصية، لم يعقد السفر من أجلها، كالغيبة، وشرب الدخان، وسماع الغناء وأمثلته كثيرة، فهذا يقال: عاصٍ في سفره، وليس عاصيًا بسفره.

والعاصي بسفره: كل سفر يكون الباعث على السفر أمرًا محرمًا لولا السفر لم يتمكن من فعلها، كقطع الطريق، والسفر لفعل الفواحش، وطلب العلوم المحرمة كالسحر والموسيقى، والأمثلة غير محصورة.

والعاصي في سفره له أن يترخص برخص السفر؛ لأن سفره ليس سببًا في فعل المحرم، وقد نقل الإجماع على ذلك ابن عابدين من الحنفية، والدسوقي من المالكية، والنووي من الشافعية وغيرهم (١).

قال القرافي: «والعاصي في سفره مخالف للعاصي بسفره» (٢).

كما اشترط جمهور الفقهاء أن يقصد في سفره جهة معينة، فمن كان هائمًا على وجهه، وهو ما يسميه الفقهاء راكب التعاسيف؛ فلا يترخص. قال الشافعية: لأنه عابث، فلا يليق به الترخص (٣).


(١) قال النووي في المجموع (٤/ ٣٤٥): «أما العاصي في سفره، وهو من خرج في سفر مباح وقصد صحيح، ثم ارتكب معاصي في طريقه كشرب الخمر وغيره، فله الترخص بالقصر وغيره بلا خلاف؛ لأنه ليس ممنوعًا من السفر، وإنما يمنع من المعصية، بخلاف العاصي بسفره».
وانظر: حاشية ابن عابدين (١/ ١٢٤)، حاشية الدسوقي (١/ ٣٥٨).
(٢) الذخيرة (٢/ ٣٦٧).
(٣) البحر الرائق (٢/ ٦٩)، حاشية ابن عابدين (٢/ ٣٩)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: ٤٠٥)، اللباب في شرح الكتاب (١/ ٩٤)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري
(١/ ٧٥)، عقد الجواهر الثمينة (١/ ١٥١)، جامع الأمهات (ص: ١١٨)، تحفة المحتاج (٢/ ٣٨١)، مغني المحتاج (١/ ٥٢٢)، نهاية المحتاج (٢/ ٢٥٩)، فتح العزيز (٤/ ٤٣٢)، المجموع (٣/ ٢٤٠)، الفروع (٢/ ١٢٠)، المبدع (١/ ٣٥٤)، الإنصاف (٢/ ٥)، كشاف القناع، ط: العدل (٣/ ٢٦٧)، الإقناع (١/ ١٠٠)، معونة أولي النهى (٢/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>