للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

التي تسبق تكبيرة الإحرام، فذكرت أدلتها هناك، فأغنى ذلك عن إعادتها هنا، وقد رجحت أن القول بالوجوب من حيث الدلالة اللغوية قوي، إلا أن القول به لا يؤثر عن أحد من المتقدمين، فلا يعلم القول به قبل البخاري، وبعض طلبة العلم قد لا يبالي بهذا الشرط، فيذهب إلى الفهم من النص في معزل عن فهم السلف، وإذا لم يؤثر القول إلا عن الظاهرية، أو بعد القرون المفضلة فإني لا أنشط للذهاب إليه، وإن كنت لا أدفعه من حيث العمل، وقد قال ابن جريج لعطاء بن أبي رباح في مكاتبة العبد حين أمر الله تعالى في القرآن بمكاتبة العبد: أواجب عليَّ إذا علمت مالًا أن أكاتبه؟ قال: ما أراه إلا واجبًا؟ قال: قلت لعطاء: أتأثره عن أحد؟ قال: لا (١).

وقد يأخذه بعضهم من إلزام عمر لأحد الصحابة بمكاتبة عبده، ولا يدل ذلك على الوجوب، كيف وعصمة مال المسلم قطعية، وقد أمر مع مكاتبته بإعطائه من مال الله، ولم يقدر قدرًا معينًّا، والواجبات لابد لها من تقدير، أفواجب أن يعطيه ماله أيضًا؟ فإذا لم يجب إعطاؤه لم تجب مكاتبته.

وإذا كان هذا يقال لعطاء، وهو قد أدرك خلقًا كثيرًا من الصحابة رضوان الله عليهم، فكيف بالإمام البخاري عليه رحمة الله، فالسلف كانوا حريصين إلى تلمس إمام متقدم يكون سلفًا لهم خاصة من طبقة الصحابة والتابعين فيما لم يحفظ اختلاف بينهم، فإن اختلفوا كان الأمر واسعًا، فيتحرى أقربهما إلى الحق، والله أعلم.


(١) تفسير الطبري ت شاكر (١٩/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>