للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أن بلالًا قال لعمر بن الخطاب: إن عمالك يأخذون الخمر والخنازير في الخراج، فقال: لا تأخذوا منهم، ولكن ولوهم بيعها، وخذوا أنتم من الثمن (١).

[إسناده صحيح] (٢).

وجه الاستدلال:

لو كانوا مخاطبين بشريعتنا لم يكن لهم أن يتمولوا الخمرة بيعًا وشراءً بأمر عمر ، ولم يكن ليأخذ منهم العشر من ثمن باطل، ولم يكن ليسمي ما يقابلها ثمنًا، فإن الثمن لا يكون إلا في بيع صحيح عند الإطلاق، فدل على أنهم غير مخاطبين بشريعتنا حتى يسلموا.

* حجة من قال: الكفار مخاطبون بالنواهي دون الأوامر:

الدليل الأول:

استدلوا ببعض أدلة القول السابق والقائل بأنهم مكلفون بالأوامر والنواهي، فانتزعوا الأدلة الدالة على تكليفهم بالنواهي واحتجوا بها:

كقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ﴾ [النحل: ٨٨].

فهؤلاء لما جمعوا بين الكفر والإفساد في الأرض زادهم الله عذابًا فوق العذاب بسبب إفسادهم، والإفساد في الأرض نص في عقابهم على ارتكاب النواهي.

ومثل الآية قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾. [الفرقان: ٦٨، ٦٩].

فكان الكفر والقتل والزنا من أسباب زيادة العذاب، وكلها من باب النواهي.

الدليل الثاني:

أن المأمورات يتوقف التكليف بها على نية القربة، والكافر لا تصح منه نية العبادة بخلاف المنهيات فلا يتوقف تركها على نية.

ولأن الأوامر من باب تحصيل المصالح، وهم ليسوا أهلًا لها، وأما النواهي


(١) الأموال لأبي عبيد (١٢٩).
(٢) سبق تخريجه في كتابي المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (٣/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>