للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الإمام، والله أعلم.

الراجح من الخلاف:

أن السبق بالركن محرم، وهذا الفعل لا يختلفون عليه، ويختلفون في إبطال الصلاة به، فالحنفية لا يبطلون الصلاة، ولا المتابعة، ويبطلون الركن وحده، ولا فرق عندهم بين السبق بالركن والسبق بأكثر.

والشافعية لا يبطلون الصلاة ولا الركن الذي سبق به، لكنهم يقصرون الحكم على السبق بالركن الواحد، فإن سبقه بأكثر متعمدًا أبطلوا الصلاة.

والمالكية والحنابلة يبطلون الصلاة بالعمد في الجملة واستثنى الحنابلة السبق بغير الركوع.

والذي أريد الوقوف عنده، هل تحريم المسابقة يقتضي بطلان الصلاة، أو يقتضي بطلان المتابعة، هل الخلل تطرق إلى الصلاة، أو تطرق إلى المتابعة، خاصة على القول بأن الجماعة ليست واجبة، فإذا سبق إمامه متعمدًا حَرُم الفعل، وليس في الأدلة ما يقتضي فساد صلاة المأموم، بله ولا فساد الركعة، بله ولا فساد الركوع، فالمأموم دخل بالصلاة بنيتين: نية الصلاة، ونية المتابعة، وبطلان المتابعة لا يقتضي بطلان نية الصلاة، فالصلاة نفسها شروطها وأركانها لم يتطرق لها خلل، فيُحْرَم أجر الجماعة، خاصة أن الاقتداء واجب للصلاة، وليس واجبًا فيها، فالإخلال به لا يعود على صلاة المأموم بالبطلان، فلو كان يصلي منفردًا لصحت صلاته قولًا واحدًا، لقيام شروطها وأركانها، وإنما الذي فسد ارتباط صلاة المأموم بصلاة إمامه، ويأثم على هذا الفعل، ويمكن تخريج هذا القول على قول الحنفية الذين يرون أن المسابقة لا تبطل الصلاة مطلقًا، وهناك من الفقهاء من يبيح للمأموم أن ينوي الانفراد عن الإمام مطلقًا، ولو من غير عذر كالشافعية، ورواية عن أحمد (١).


(١) قال الشيرازي في المهذب (١/ ١٨٣): «وإن نوى المأموم مفارقة الإمام، وأتم لنفسه، فإن كان لعذر لم تبطل صلاته .... وإن كان لغير عذر ففيه قولان:
أحدهما تبطل لأنهما صلاتان مختلفتان في الحكم، فلا يجوز أن ينتقل من إحداهما إلى الأخرى من غير عذر، كالظهر والعصر.
والثاني: يجوز، وهو الأصح؛ لأن الجماعة فضيلة، فكان له تركها كما لو صلى بعض صلاة النفل قائمًا ثم قعد».
وانظر رواية أحمد في: عمدة الحازم (ص: ٥٩)، الهداية على مذهب أحمد (ص: ٩٥)، الإنصاف (٢/ ٣١)، وذكرها ابن قدامة في الكافي (١/ ٢٩٠) وجهًا في المذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>