للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[م-١٠٥٤] اختلف الفقهاء إذا سبق المأموم إمامه بالركن كما لو ركع ورفع قبل ركوع إمامه، أو سجد ورفع قبل سجود إمامه وإليك تفصيل الخلاف:

القول الأول: مذهب الحنفية:

يكره للمأموم أن يسبق إمامه بالركن، والكراهة تحريمية.

فإن سبق المأموم إمامه بالركوع لم يعتد بتلك الركعة؛ لأن السجود لا يعتد به حتى يسبقه ركوع صحيح، فبطلت تلك الركعة، وحلت الركعة الثانية مكانه الأولى.

وإن ركع مع الإمام، وسبقه بالسجدتين من تلك الركعة، بطل السجود، وبطل الركوع في الركعة التالية؛ لوقوعه في غير محله، وانتقل السجود من الثانية إلى الأولى؛ لفرض الترتيب بين فرض الركوع والسجود، فصحت له ركعة من مجموع الركعتين، فيبني عليها حتى يتم صلاته، وإن ركع مع إمامه، وسجد قبله في إحدى السجدتين، فالترتيب بين السجدتين ليس بفرض عند الحنفية؛ وهو من مفرداتهم؛ لأن ما شرع مكررًا فالترتيب فيه ليس بفرض، فله أن يأتي بالسجدة التي تطرق لها الخلل، ولو في آخر صلاته، وتصح صلاته، فإن لم يأت بما سبق به إمامه حتى سلم فسدت صلاته، ولا فرق عندهم بين السبق بالركن والسبق بأكثر، ولا بين السبق بالركن عمدًا أو السبق به سهوًا أو زحمة (١).

القول الثاني: مذهب المالكية:

ذهب المالكية إلى أن المأموم إذا سبق إمامه في الركن، ولم يأخذ فرضه معه فإن صلاته تبطل لذلك إن كان عمدًا، وإن كان سهوًا فيرجع إليه وجوبًا، فإن ترك الرجوع عمدًا بطلت صلاته، وإن ترك الرجوع سهوًا كان حكمه حكم من زوحم على أداء الركن مع الإمام حتى فاته (٢).


(١) قال ابن نجيم في البحر الرائق (١/ ٣٦٥): «فإن سبقه المأموم بركن ولم يشاركه إمامه فيه لم يصح ذلك».
وانظر: خزانة المفتين (ص: ٥٣٤)، البحر الرائق (٢/ ٨٣، ٨٤)، فتح القدير (١/ ٤٨٣)، حاشية الشلبي على التبيين (١/ ١١٩)، الفتاوى الهندية (١/ ١٢٠، ١٢١).
(٢) مواهب الجليل (٢/ ١٢٧)، حاشية العدوي على الخرشي (٢/ ٤١)، منح الجليل (١/ ٣٨١)،
لوامع الدرر (٢/ ٥١٢)، وانظر حاشية جواهر الدرر ففيه تحقيق مهم (٢/ ٣٨٠).
وإذا ترك الرجوع إلى الركن سهوًا فحكمه كمن زوحم على أداء الركن مع الإمام حتى فاته، وكيف يقضيه؟. وللجواب على ذلك، قال المالكية:
إما أن يزاحم على الركوع في الركعة الأولى، أو في غيرها.
فإن زوحم المأموم على الركوع في الركعة الأولى فلم يتمكن من الركوع مع إمامه تبع إمامه في سجوده، وقضى ركعة بعد سلام إمامه، وأصبح في حكم المسبوق إذا أدرك الإمام في السجود، وإن كان هذا قد أدرك ا التحريمة مع الإمام بخلاف المسبوق.
وإن زوحم في غير الركعة الأولى، فهذا قد أدرك الجماعة، فإن غلب على ظنه أنه لو ركع ورفع في صلب الركعة أدرك إمامه، ولو بسجدة واحدة لهذه الركعة؛ كأن يسجد مع الإمام السجدة الأولى بالنسبة له، وإن كانت الثانية بالنسبة لإمامه، أتى المأموم بما سبقه به إمامه ولحقه، ولا حاجة لقضاء ركعة، وإن ظن أنه لا يدرك إمامه في السجود، تبع الإمام فيما هو فيه، وقضى ركعة بعد سلام إمامه.
وإن زوحم عن السجود، فإن اعتقد المأموم أنه يدرك إمامه قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع من الركعة التي تليها، فعليه أن يأتي به ثم يتبع إمامه بما هو فيه. وإن ظن أنه لا يدركه قبل عقد ركوع الركعة التالية تمادى في ترك السجود، وتبع الإمام فيما هو فيه، وقضى ركعة بعد سلام إمامه. هذا حكم من زوحم، فإذا سبق إمامه بالركوع، ولم يرجع إليه سهوًا كان حكمه حكم من زوحم. وانظر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٣٠٢)، شرح الخرشي (١/ ٣٤٤)، التاج والإكليل (٢/ ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>