للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وكقوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا﴾ [الأنعام: ٩٦].

وجعل في الحديث تنصب مفعولين، فقام نائب الفاعل مقام المفعول الأول، ومفعوله الثاني محذوف والتقدير: (إنما جعل الإمام إمامًا ليؤتم به): واللام في قوله: (ليؤتم) لتعليل: أي من أجل أن يقتدى به، فإذا خالفه بطل المقصود الشرعي من عقد الإمامة له في الصلاة.

وقد صلى الرسول على المنبر، وقال: إنما صنعت هذا لتأتموا بي … الحديث متفق عليه (١).

وقوله (فلا تختلفوا عليه) توكيد لقوله: (ليؤتم به).

والإمام مشتق من التقدم، فلا يتقدم عليه المأموم لا في مكانه، ولا في أفعاله، فمقتضى اتخاذه إمامًا أن تأتي خلفه في المكان، وتأتي عقبه بالأفعال.

وقوله: (فإذا كبر) هذا تفسير لما يجب الائتمام به وتفريع على قوله (ليؤتم به) فكأن قوله (ليؤتم به) مجمل فسرته الجملة التي جاءت بعدها من قوله: (فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا … وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا).

فلم يذكر الائتمام به بالنية، ولهذا قال ابن حجر: «يقتضي الحصر في الاقتداء به في أفعاله لا في جميع أحواله» (٢).

يضاف إلى الأفعال تكبيرة الإحرام، لقوله: (فإذا كبر) أي إذا فرغ من تكبيرة الإحرام.

(فكبروا) الفاء للتعقيب، فجعل فعلهم عقب فعله، لا قبله، ولا معه، ولا متأخرًا عنه كثيرًا.

(ح-٣٢٠٦) وروى أحمد، قال: حدثنا سفيان، عن ابن عجلان، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز،

عن معاوية، قال: قال رسول الله : لا تبادروني في الركوع والسجود، فإني قد بدنت، ومهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني إذا رفعت، ومهما أسبقكم به إذا


(١) صحيح البخاري (٩١٧)، وصحيح مسلم (٥٥٤).
(٢) فتح الباري (٢/ ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>