به تقديم الأعلم الأفقه على غيره، وهو ظاهر غير خفي (١).
ونوقش هذا:
(أولوا الأحلام) نص على أن يليه كبار أصحابه، لكن ما العلة في كون الكبار وحدهم دون الصغار مأمورين بأن يكونوا قريبين من النبي ﷺ فحمله على الفقهاء فقط تحكم، وأقرب ما يكون العلة في ذلك حاجة الإمام إليهم، والإمام يحتاج إليهم في أمرين:
إما في الفتح عليه إذا التبست عليه القراءة أو وقع في سهو، وإما في الاستخلاف لو طرأ عليه ما يوجب الاستخلاف، والأول مختص بالقراء، والثاني يشمل القراء وغيرهم.
الدليل الرابع:
أن المقدار الذي تفتقر إليه الصلاة من القراءة قد استوى فيه القارئ والفقيه، وصلاة القوم مبنية على صلاة الإمام صحة وفسادًا فتقديم من هو أعلم بأحكامها أولى إذا علم من القراءة قدر ما تقوم به فريضة القراءة؛ لأنه لا يؤمن أن يطرأ فيها على الإمام ما لا يعلم حكمه القارئ فيفسدها؛ فالواجب من القراءة محصور ويتعلق بركن واحد من الصلاة، والوقائع الحادثة في الصلاة غير محصورة، ويحتاج إليه لجميع أركان الصلاة وشروطها ومستحباتها، فكانت الحاجة إلى الفقه أهم.
ونوقش هذا:
الجواب الأول:
أن هذا نظر في مقابل النص، فيكون نظرًا فاسدًا، فالنص من الشارع:(يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)، فلا اجتهاد مع النص.
الجواب الثاني:
الصفة التي هي جزء من ماهية العبادة وركن متكرر فيها أولى بالتقديم من الصفة المتعلقة بحاجتها العارضة، فالقارئ مقدم على الفقيه؛ لأن القراءة ركن في كل ركعات الصلاة، ولا تصح الصلاة إلا بها، وأما الحوادث الطارئة على الصلاة
(١) إعلاء السنن، ط إدارة القرآن والعلوم الإسلامية الباكستانية (٤/ ٢١٩).