تحقق، والمأموم لا يرى سبب الوجوب قد انعقد، فالمأموم يرى أن الصلاة لم تجب عليه بعد، فافترقا.
وأما الجواب عن حديث أبي ذر: فإن أئمة الجور يتعمدون تأخير الصلاة عن وقتها تقصيرًا وليس اجتهادًا في عدم خروج الوقت، وليس البحث في أوقات يختلف الفقهاء في وقت خروجها، وإنما الكلام في صلاة يجمع العلماء على خروج وقتها، ثم يتعمد أئمة الجور في إيقاع الصلاة خارج وقتها، فالقول في مثل هذه المسألة كالقول في الخلاف في دخول الوقت، والله أعلم.
دليل من قال: يصح الاقتداء بالإمام الأعظم أو نائبه المخالف دون غيره:
تكلمت على مسألة الصلاة خلف أئمة الجور، وأن عامة المسلمين يرون الصلاة خلفهم لما في ترك الصلاة خلفهم من شق عصى الطاعة.
وقد صلى ابن عمر خلف الحجاج كما في صحيح البخاري، وصلى خلف نجدة الحروي، وصلى خلف الخشبية، طائفة من الرافضة.
وقال ميمون بن مهران، وقد سئل عن الصلاة خلف الخوارج، فقال: أنت لا تصلي له إنما تصلي لله، قد كنا نصلي خلف الحجاج، وكان حروريًا أزرقيًا.
وقال الإمام أحمد: حين شاوره بعض الناس في الخروج على الحاكم لنشره القول بخلق القرآن، فأنكر عليهم، وقال: اصبروا حتى يستريح بر، أو يستراح من فاجر.
وقد خرجت كل ذلك في مسألة سابقة، فارجع إليه.
الراجح:
أن المخالف في الفروع الظنية القائمة على الاجتهاد لا تمنع من الاقتداء، ولا يلزم الإمام فقه المأموم، ولا العكس، ولكل فقهه وصلاته، ولم يعرف الناس في الصدر الأول هذه المسألة حتى انتشر في الناس التمذهب والتقليد، فصار الجدال بينهم في حكم إمامة الحنفي للشافعي والعكس، فكل من صحت صلاته لنفسه، وهو من أهل الإمامة فإمامته لغيره صحيحة، وإن اختلفا في الفروع.