الأول: أنه أبدل حرفًا بحرف، وإبدال حرف بحرف أشد من تغيير حركة إعرابية كالضمة والفتحة؛ لأن إبدال حركة بحركة قد لا يخرج الكلمة عن معناها بخلاف إبدال الحروف، ولو أبدل الكلمة كلها لمنع من ذلك فكذلك إبدال أحد حروفها.
الثاني: أن مخرج الضاد من الشدق، ومخرج الظاء من طرف اللسان، وإذا قال: ولا الظالين، كان معناه ظل يفعل كذا، كما قال تعالى: ﴿قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ﴾ [الشعراء: ٧١] فهناك فرق في المعنى بينه وبين قوله ولا الضالين الذي هو من الضلالة، فلا يستوي من قرأ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ﴾ [المرسلات: ٤١]، وبين من قرأها (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ضلالٍ).
دليل من قال: تصح إمامة من لا يميز بين ضاد وظاء:
أن التفريق بينهما مما يخفى على أكثر الخاصة من الناس فضلًا عن عوامهم ولأن المخرجين متقاربان، والتفريق بينهما عسر، والمشقة تجلب التيسير.
قال ابن تيمية بعد أن حكى الوجهين: «الثاني: تصح، وهذا أقرب؛ لأن الحرفين في السمع شيء واحد، وحس أحدهما من جنس حس الآخر؛ لتشابه المخرجين، والقارئ إنما يقصد الضلال المخالف للهدى، وهو الذي يفهمه المستمع.
فأما المعنى المأخوذ من (ظل) فلا يخطر ببال أحد، وهذا بخلاف الحرفين المختلفين صوتًا ومخرجًا وسمعًا، كإبدال الراء بالغين، فإن هذا لا يحصل به مقصود القراءة» (١).
الراجح:
الأولى ألا يتقدم اللاحن للصلاة لمخالفته ظاهر حديث:(يؤم القوم أقرؤهم) فإنه خبر بمعنى الأمر، أي ليؤم القوم أقرؤهم، واللاحن لحنًا يغير المعنى لم يتحقق فيه هذا الشرط، ولو تقدم لم أبطل صلاة من خلفه؛ لأن الأمر في الحديث الراجح