للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[م-١٠٢٢] قال النووي: الخلاف المذكور في اقتداء القارئ بالأمي هو فيمن لم يطاوعه لسانه، أو طاوعه، ولم يمض زمن يمكن التعلم فيه. فأما إذا مضى زمن وقصر بترك التعلم، فلا يصح الاقتداء به بلا خلاف (١).

وقد اختلف الفقهاء في إمامة الأمي بمثله:

فقيل: تصح إمامة الأمي لمثله مطلقًا سواء أمكنه الاقتداء بقارئ أم لا، وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية، ومذهب الشافعية، والحنابلة وبه قال أشهب من المالكية (٢).


(١) روضة الطالبين (١/ ٣٥٠).
(٢) جاء في حاشية ابن عابدين (١/ ٥٧٩): «أما اقتداء أخرس بأخرس أو أمي بأمي فصحيح».
وجاء مثل هذا النص في مجمع الأنهر (١/ ١١١)، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: ٢٨٨).
وقال في البحر الرائق (١/ ٣٨٩): «فالحاصل أن إمامة الإنسان لمماثله صحيحة».
فهذا النقل عن الحنفية كاشف عن جواز إمامة الأمي لمثله.
وأما النقل عنهم على أنه لا يلزمه أن يصلي خلف قارئ فلهم في المسألة قولان:
أحدهما أنه لا يلزمه، وهو مذهب محمد بن الحسن وأبي يوسف.
جاء في المبسوط (١/ ١٨١): «أمي صلى بقوم أميين وقارئين فصلاة الإمام والقوم كلهم فاسدة عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى صلاة الإمام والأميين تامة؛ لأن الأمي صاحب عذر، فإذا اقتدى به من هو في مثل حاله ومن لا عذر به جازت صلاته وصلاة من هو في مثل حاله، كالعاري يؤم العراة واللابسين».
فكشف هذا النقل الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه، وأن صاحبيه لا يرون أن الأمي يلزمه أن يصلي خلف قارئ، وسوف يأتي إن شاء الله تعالى تفصيل مذهب أبي حنيفة في القول الثالث.
وقال في الهداية (١/ ٥٩): «ولو كان يصلي الأميُّ وحده، والقارئ وحده جاز، هو الصحيح؛ لأنهما لم تظهر منهما رغبة في الجماعة».
وجاء في مواهب الجليل (٢/ ٩٨): «قال أشهب: لا يجب عليه الائتمام بقارئ كالمريض الجالس لا يجب عليه أن يأتم بقائم».
وقال المازري في التلقين (٢/ ٦٨١): «وقد اضطرب المذهب في الأمي، هل عليه أن يطلب قارئًا يصلي وراءه أم لا؟ فقال بعض أصحابنا: لا دليل على أن الأمي يجب عليه أن يأتم بغيره. وصلاة الجماعة غير واجبة».
وانظر: التوضيح لخليل (١/ ٤٥٨)، شرح الزرقاني على خليل (٢/ ١٨)، حاشية الدسوقي (١/ ٣٢٨). تحبير المختصر (١/ ٤١٦)، التاج والإكليل (٢/ ٤٢١)، جواهر الدرر (٢/ ٣٢٨).
وانظر في مذهب الشافعية: الأم (١/ ١٩٤)، أسنى المطالب (١/ ٢١٧)، تحفة المحتاج (٢/ ٢٨٦)، نهاية المحتاج (٢/ ١٦٩)، فتح العزيز (٤/ ٣١٢).
وفي مذهب الحنابلة، قال في الإنصاف (٢/ ٢٦٩): الصحيح من المذهب، صحة إمامة الأمي بمثله، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم. قال الزركشي: هو المعروف من مذهبنا».
وقال في تصحيح الفروع (٢/ ١٧٧) تعليقًا على قول ابن مفلح: وتلزمه الصلاة خلف قارئ في وجه، قال المرداوي: «ظاهر هذا أن المشهور عدم اللزوم، وهو كذلك، وعليه الأكثر».
وانظر: معونة أولي النهى (٢/ ٣٧٢)، المقنع (ص: ٦٢)، المبدع (٢/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>