للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

هذا إشارة إلى أحقيته بالخلافة.

فمن كان إمام قومه فهو دال على فضله عليهم، ولهذا كان من شروطها العدالة، والعلم، قال النبي : يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة … الحديث.

فكان توفر شروط الإمامة في الرجل دالًا على خيريته وفضله وعلو مرتبته.

قال السرخسي: «والأصل فيه أن مكان الإمامة ميراث من النبي ، فإنه أول من تقدم للإمامة فيختار له من يكون أشبه به خلقًا وخلقًا، ثم هو مكان استنبط منه الخلافة؛ فإن النبي لما أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، قالت الصحابة بعد موته إنه اختار أبا بكر لأمر دينكم فهو المختار لأمر دنياكم، فإنما يختار لهذا المكان من هو أعظم في الناس» (١).

وقال الإمام أحمد: «ومن الحقِّ الواجب على المسلمين: أن يُقدِّموا خيارهم وأهل الدين، والأفضل منهم، أهل العلم بالله الذين يخافون الله ويراقبونه.

وقال الإمام الماوردي: «ينبغي أن يَتقدَّم إلى الإمامة مَنْ جَمَعَ أوصافها، وهي خمسة: القراءة، والفقه، والنسب، والسنّ، والهجرة، بعد صحَّة الدين وحسن الاعتقاد، فمَنْ جمعها وكملت فيه، فهو أحقُّ بالإمامة ممَّن أخلَّ ببعضها، لأنَّ الإمامة منزلة اتباع واقتداء، فاقتضى أن يكون متحمِّلها كامل الأوصاف المعتبرة فيها، فإن لم تجتمع في واحدٍ، فأحقُّهم بالإمامة من اختصَّ بأفضلها» (٢).

وهذه الإمامة الصغرى تعود الناس على السمع والطاعة والانضباط، فكل مجتمع بحاجة إلى إمام يرجعون إليه، ويصدرون عنه، فيه تتوحد الكلمة، ويجتمع عليه الناس، والمسلمون قد اعتادوا هذا الانضباط فلا يرون عظمته، فلا يراهم كافر لأول مرة إلا عجب من هذا الانضباط، يصفون كما تصف الملائكة عند ربهم، كأنهم بينان مرصوص، فمن نظر إلى الحرم المكي والألوف خلف إمامهم يركع فيركعون في وقت واحد، لا يتخلف أحد منهم، ويرفع رأسه فيرفعون رؤوسهم،


(١) المبسوط (١/ ٤٠).
(٢) الحاوي الكبير (٢/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>